للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم)]

قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:١١].

كان هذا في نصر الله للمؤمنين وخذلانه للكافرين، أي: أن الله مولى الذين آمنوا، وناصرهم ومؤيدهم وراحمهم في دنياهم وأخراهم، وأن الكافرين لا معين لهم ولا ناصر من دون الله.

ُمُحِصَّ المسلمون في غزوة أحد نتيجة مخالفة الرماة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك حين أمرهم بأن يبقوا على رأس الجبل، لا ينزلون منه ولو رأوا الصحابة يقطعون، ولو رأوا الغنائم تكاد أن تعلو التلال والجبال فليلزموا مواقعهم، ولكنهم خالفوا، فرأوا الغنائم وأن النصر لهم في البداية، فتركوا الجبل ونزلوا إلى الأرض ليأخذوا الغنائم، وإذا بصوت أبي سفيان: احتلوا الجبل الذي كان موقعاً حربياً من قبل جند الإسلام، فدالت الدولة وانقلبت المعركة على المسلمين، وقتل من قتل، ومثل بمن مثل، كـ حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيتيه فداه نفسي وأهلي وولدي ومالي.

وبعد نهاية المعركة وقف أبو سفيان رئيس الكفر وقائد جيش الكافرين المهاجم للمدينة فقال: أفيكم محمد؟ أفيكم أبو بكر؟ أفيكم عمر؟ فلم يجبه أحد.

فقال: قد كفيتم هؤلاء وماتوا.

فإذا بـ عمر يقول له: كذبت يا عدو الله! فلك من هؤلاء يوم، فعاد فقال: يوم بيوم بدر، أي: هزموا في معركة بدر، وهم الآن يهزمون في معركة أحد، فقال: يوم بيوم، وستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني، ثم عاد فأخذ يرتجز، ويقول: اعل هبل، اعل هبل -وهبل أحد أصنامهم- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أفلا تجيبوه) فقالوا: بماذا نجيبه؟ فقال: (قولوا: الله أعلى وأجل).

وقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (أجيبوه: الله مولانا ولا مولى لكم).

وهكذا يقول ربنا: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:١١] فالمؤمنون الله مولاهم وناصرهم، ومعينهم، والكافرون همل لا ناصر لهم ولا معين ولا مساند من قضاء الله وأمره، فهم أذل من ذلك وأحقر.