للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين)]

قال الله ربنا جل جلاله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:٣١].

بعد أن حدثنا الله جل جلاله عن المنافقين والكافرين، وكشف أفكارهم، وأعلم بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فطرد بعضاً وسكت عن بعض لعلهم يتوبون ويرجعون؛ يقول الله لنا: (ولنبلونكم) أي: لنختبرنكم، واللام: هنا للقسم، وأكده بنون التوكيد الثقيلة.

يقول جل جلاله: إنه يمتحن ويختبر الناس ليعلم منهم المجاهد الصادق والصابر على الجهاد.

{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:٣١] أي: ويعلم الأخبار الظاهرة والباطنة، الخفية والمعلنة، والله جل جلاله هو يعلمه منذ أمر الملائكة بكتبه في اللوح المحفوظ، ولكن معنى العلم هنا الرؤية، كما يقول عبد الله بن عباس؛ أي: ولنبلونكم لنرى أعمالكم، ونرى ما تقومون به بعد الأمر والنهي.

يقول الإمام القرطبي: الله جل جلاله لا يعاقبه على علمه، وإنما يعاقبه على الأعمال؛ ولذلك خلق الخلق واختبرهم بالأعمال وهو يعلم ماذا سيعملون قبل، ولكنه لا يعاقبهم إن أساءوا ولا يحسن إليهم إن أحسنوا حتى يعملوا، فيكون جزاؤه حسب أعمالهم وامتثالهم، وحسب إيمانهم.