للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استئذان أبي موسى الأشعري على عمر]

استأذن أبو موسى الأشعري على عمر رضي الله عنه ثلاث مرات فلم يؤذن له، فرجع، فإذا بـ عمر -وكان منشغلاً بأمور المسلمين- يقول لمن حضر: ألم أسمع صوت أبي موسى؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين! قال: وما باله؟ قالوا: سلم مرات ثم رجع، فأرسل عليه فقال له: لم ذهبت؟ قال: استأذنتك بالدخول وسلمت ثلاث مرات فلم تأذن لي، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من استأذن ثلاث مرات فلم يؤذن له فليرجع).

فإذا بـ عمر يقول له: لتأتيني بشاهدي عدل وإلا أوجعتك ضرباً، وكان عمر شديداً فيما يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا بـ أبي موسى يذهب منزعجاً إلى المهاجرين والأنصار ويقول لهم: لقد لقيت اليوم بلاءً من أمير المؤمنين: استأذنته ثلاثاً فلم يأذن فذهبت، ثم أرسل خلفي، فقال: لم ذهبت؟ فقلت له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من استأذن ثلاث مرات فلم يؤذن له فليرجع).

فقال لي: إما أن تأتي بشاهدي عدل أو جلدتك، فقال له جماعة -وكلهم كانوا قد سمعوا هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم-: والله لا يقوم معك إلا أصغرنا، فذهب شابان وقد سمعا هذا الحديث، فقالا: يا أمير المؤمنين! نحن نشهد، والأنصار يشهدون والمهاجرون يشهدون، حينئذٍ انبسط عمر له، وأظهر بشره له وترحيبه وأدخله.

فقوله: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور:٢٧].

أي: حتى تسأذنوا، وفي قراءة: (تستأذنوا) هكذا، ولكنها ليست سبعية، وتستأنسوا من الأنس، وهذه كلمه يقولها أهل مكة، آنسكم فلانٌ وأنستم فلاناً، أي: رأيتموه ورآكم وسلمتم عليه وسلم عليكم، ووقع الأذن بينكم زائرين ومزورين، وعندما يحصل الأذن يحصل الأنس والتأنس والمؤانسة.

ثم قال: {وَتُسَلِّمُوا} [النور:٢٧].

أي: بعد أن تقول: أنا فلان، أألج: أأدخل؟ فإن قيل: نعم، فادخل وقل: السلام عليكم.