للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم)]

وصل موسى إلى هذه النار التي رآها تتلألأ من بعيد، فلما وصل إليها وجدها ناراً ليست كالنار، فلم تحرق الشجرة ولم تتغير خضرتها، وإذا به وهو في هذا العجب ينادى {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل:٨ - ٩].

فنودي موسى باسمه أن الأمر والشأن الذي جئت إليه ليس النار وليس الشهاب وليس القبس وليس من يدلك على الطريق لمصر فقط، بل ما يدلك على ربك برسالتك وبنبوءتك لتهدي قوماً ضلالاً، ولتدعو فرعون وقومه إلى عبادة الله الواحد، ولتبين لهم أنهم عبيد من خلق الله ليس لهم ضر ولا نفع.

يقول تعالى: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل:٩].

العزيز الذي لا يغالب، فلن يستطيع فرعون الكاذب المتأله الكذاب أن يغلب ربك، فالله هو الغالب، والله هو القاهر، والله هو القادر على كل شيء والخالق لكل شيء.

وكان ذلك مقدمة لرسالته حتى لا يخاف من فرعون ومن تألهه الكاذب ومن قومه مهما طغوا وبغوا وتجبروا وتكبروا.

والله هو الحكيم الذي يضع الأمور في مكانها حيث شاء أمراً وحيث شاء نهياً، فاختارك لرسالته دون غيرك؛ إذ هو العليم بما ينفع الناس والعليم بما يضر الناس، وهو العليم بأنك العبد المؤهل لذلك.