للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما قيل في وصف الدابة ومخرجها]

وهذه الدابة هي دابة على أي حال، ولكن قال بعض السلف: وجهها وجه إنسان بلحية رجل، وسائرها جسد دابة، ووصفوها على غير المعلوم في الدواب، ومن ذلك أنها كلها شعر، لا تكاد تظهر عينها ولا أنفها ولا فمها، وأنها ستخرج في مكة المكرمة عند الصفا، وقيل: ستخرج في أجياد.

وقد نقل أنها ستخرج ثلاث خرجات: خرجة باليمن ولا تدري بها مكة ولا بقية العالم الإسلامي.

والخرجة الثانية: في بادية قريبة من مكة، وتدري بها مكة، عاصمة الإسلام، وإذا درت مكة درى العالم كله.

والخرجة الثالثة: تخرج والناس في الحرم بين الركن الذي فيه الحجر الأسود، وبين مقام إبراهيم، فيحاول الناس أن يفروا منها ويبقى المؤمنون، فتضع يدها على وجه المؤمن فيشرق كأنه الكوكب الدري.

أما الكافر فيحاول أن يفر، ولا يفلت منها هارب، فتلحقهم فيصعقون ويقفون، فتسمهم في جباههم بالكفر، ويتعارف الناس في أسواقهم إذ ذاك والكتابة على الجبين، فيقول المؤمن: يا كافر! بعني واشتر مني، ويقول الكافر: يا مؤمن! أريد مبايعتك.

فينكشف نفقات المنافق المظهر للإيمان.

ومن المعلوم أن مكة لا يقيم بها إلا مؤمن، ولكن الإخلاص في القلب لا يعلمه إلا الله، فالدابة تأتي وتكشف عمل القلب، فتكتب على جبين المنافق: هذا كافر، وعلى جبين المؤمن الصادق: هذا مؤمن، وتظهر تلك الكتابة على جبين المؤمن وكأنها الكوكب الدري المضيء، وتقرأ جبين الكافر من بعيد، وتجول الدابة في مختلف أقطار الأرض تسم الناس: هذا مؤمن وهذا كافر، فيميز إذ ذاك المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، ويكون الناس إذ ذاك -كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام- مشتركين في أموالهم، وهذا خبر معجز من النبي صلى الله عليه وسلم، أي: تكون إذ ذاك الشيوعية والاشتراكية في الأموال قد انتشرت بين الناس، وهذا الأمر أخذ الآن ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها، ويكاد أهل الكفر من يهود ونصارى ومنافقين يجمعون على ذلك، والكثير ممن يدعي الإسلام من داخل بلاد العرب وداخل بلاد الإسلام يطلبون ذلك، ويسعون لذلك؛ وما في ذلك إلا لعنتهم وخزيهم وغضب الله عليهم.