للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض صنيع الدابة]

وجاء في وصف الدابة أن امرأً يحاول أن يتعوذ منها بالصلاة من أجلها وهو لا يصلي، وإذا بها تأتيه من خلفه وتكلمه وتجرحه، وتقول له: الآن ذكرت الصلاة! فتجرحه في جبينه، وتكتب عليه: كافر؛ لأن تلك الصلاة لم تكن صلاة مؤمن مخلص، وإنما كانت صلاة منافق كاذب، ظن أن الدابة ستتركه، ولكن الدابة معلمة مرسلة مكلفة من ربها بأن تصنع ما تصنع.

ومهما قلنا في وصفها وفي مكان خروجها فهي دابة على أي حال، تكلم الناس بصريح الكلام، وتقول: إن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون ولا يخلصون في إيمانهم، فيميز الله الكافر من المؤمن، ويبرز المؤمن بين الكافرين.

يقول تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل:٨٢] وقرئ: (تَكْلُمُهُمْ) من الكلم، وهو الجرح.

قال ابن عباس: تُكَلّمَهم وتَكْلمُهُم، تُكَلمِّهم بقولها -كما قال القرآن-: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:٨٢].

ثم هي تكلمهم وتجرحهم على جباههم بأن هذا كافر وهذا مؤمن، ويبقى ذلك علامة، والمؤمنون إذ ذاك قلة.