للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ملك الجبال يأتي لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم]

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه من البستان، وفي طريقهما إلى مكة، أتى جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال فقال: (يا محمد! هذا ملك الجبال معي، لقد ضجّت الملائكة مما لقيت من ثقيف، وأذن الله لملك الجبال أن يكون رهن طلبك إن شئت أن يطبق عليهم الأخشبين فعل) والأخشبان جبلان يحيطان بمكة، فماذا يقول صلى الله عليه وسلم وهو في حاجة الضيق والشدة؟ الناس الآن يقولون: إذا كان هناك اعتداء وظلم وبغي ولم تجد إلا نصرة من الشيطان فلا مانع من أن تتعاون معه؛ لأنه ينصرك على الظالم الباغي المعتدي، والظالم الباغي المعتدي إذا لم ترده قوة لم يرجع إلى صوابه، إذا لم يسمع إلى كلمة الحق، ولم يستجب إلى نداء الآخرين ماذا نفعل معه؟ ليس إلا القوة، وإذا لم نجد إلا قوة الشيطان تردعه، إذاً: يأتي ملك الجبال ويعرض النصرة على رسول الله، فيقول: (إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله) فيصبر ويتحمل رجاء أن يولد من أصلابهم فيما بعد قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، بينما نبي الله نوح لما اشتد به الأمر ويئس من قومه قال {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح:٢٦ - ٢٧]، حتى يئس ممن سيولد، والرسول صلى الله عليه وسلم ما يئس، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله).

ولذا قال في حديث الشفاعة: (لكل نبي دعوةٌ مستجابة، فدعا ربه بها، وادخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة) اللهم اجزه عنا أحسن الجزاء، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، وقلنا: إنه تضرع إلى المولى قبل مجيء ملك الجبال فقال: إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني أو إلى بعيد ملكته أمري! إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، فتضج السماء بالملائكة وينزل جبريل ومعه الملك ويعرض عليه النصرة فيأباها ويأتي إلى نخلة ويقول: نصلي في الليل ويعوضه الله خيراً من ثقيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>