للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تسجيل وقائع نصرة الله لنبيه في القرآن]

يأتي القرآن الكريم يسجل هذا الموقف، ويلزمنا الوقوف مع من بداخل الغار وقفة طويلة.

أولاً: النص الكريم {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة:٤٠] حقيقة النصر مذكورة في قول الله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران:١٢٦].

ثم يبين سبحانه وسائل النصر ووقائعه الفعلية، فيقول: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة:٤٠] أول وقفة مع هذا النص النظر إلى المقابلة، فإنه ذكر الكفار، وذكر اللذين أُخرجا، فالكفار جماعة أقوياء أشداء، وهما اثنان: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة:٤٠]، ليسا في برحة في الأرض بل هما في غار مصمت {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التوبة:٤٠] والصحبة فضيلة ومنقبة لـ أبي بكر {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠].

جاء رجل إلى أحد أولاد الحسين بن علي رضي الله عنه وتكلم على الأحداث الماضية المؤلمة التي وقعت بين الصحابة فسب من خالف علياً فقال له رضي الله تعالى عنه: يا هذا هل أنت من أهل هذه الآية: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ} [الحشر:٨] هل أنت من هؤلاء المهاجرين؟ قال: لا.

قال: هل أنت من أهل هذه الآية {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر:٩] قال: لا.

لست من المهاجرين ولا من الأنصار، قال: وأنا أشهد أنك لست ممن قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:١٠] فقم عني.

وجاء رجل من الشيعة إلى ابن عمر ونال من أبي بكر في حرمانه لـ فاطمة من ميراث أبيها، فقال له: رويدك! أتتهم أبا بكر!! فأخبرني في قوله سبحانه: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة:٤٠] من الثاني معه؟ قال: أبو بكر {إِذْ هُمَا} [التوبة:٤٠] ما المقصود بـ (هما)؟ قال: الرسول وأبو بكر {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التوبة:٤٠] من صاحبه؟ قال: أبو بكر {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠] مع من؟ قال: مع الرسول وأبي بكر، قال: ائتني بواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له اثنتان من هذه الأربع، فأدبر عنه ومضى.

ولما ذكرت المقارنة بين أبي بكر وبين عمر وبين علي وعثمان قال عمر: والله! لليلة من أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار خير من آل الخطاب جميعاً.

{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة:٤٠]، إذاً: فليس فقط العنكبوت وبيض الحمام، بل هناك جنود أيضاً لم نرها، {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة:٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>