للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحكمة من خلق الإنسان]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت.

في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى.

اللهم صلِّ وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل.

اللهم صلِّ وسلم على صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، اللهم صلِّ وسلم على من هديت به البشرية، وأنرت به أفكار الإنسانية، وزعزعت به الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:١]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

لماذا خلقنا؟

وإلى أين نسير؟

ومن يحاسبنا؟

وما هو مصيرنا؟

هذه أسئلة لا بد أن يجيب عليها من يريد الله والدار الآخرة:

لماذا خلقت أيها الإنسان؟

لماذا وجدت؟

لماذا جعل الله لك عينين ولساناً وشفتين؟

لماذا بصَّرك وأراك؟

لماذا علمك وأنطقك؟

لماذا أكلك وشربك؟

لماذا سترك وقومك؟

لماذا أسمعك وبصّرك؟

هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها المسلم إن كان يريد الله والدار الآخرة، يقول الله للإنسان المتمرد: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الإنفطار:٦] ما لك تمردت علينا -أيها الإنسان- وقد خلقناك ولم تك شيئاً؟

ما لك -أيها الإنسان- نسيتنا وقد علمناك، وجهلتنا وقد أدبناك، وتمردت علينا وقد أرويناك وأسقيناك وأشبعناك؟!

والله يقول: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:١ - ٣].

يا أيها الإنسان: خلقت من نطفة، وأتيت إلى الدنيا من بطن أمك وأنت تبكي وكأن بطن أمك أوسع لك من الأرض، فلماذا خرجت تبكي من بطن أمك؟!

ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سروراً

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً

لا إله إلا الله ما أغفل الإنسان! لا إله إلا الله ما أجفى الإنسان! لا إله إلا الله ما أظلم الإنسان! يوم يأتي من بطن أمه لا ملابس له ولا منصب ولا وظيفة ولا بيت ولا سيارة ولا جاه، ليسقط قطعة لحم على الأرض وهو يبكي، فإذا ما بصَّره الله وعلمه وأنبته وتملك، وأصبح له وظيفة، وأصبح ذا منصب وسيارة وجاه؛ نسي الله، وتمرد على حدود الله، وانتهك محارم الله وحدوده، فأين العقول؟!

وأين الأسماع؟!

وأين الأبصار؟!

الله يقول من فوق سبع سماوات: {الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي، من نازعني فيهما عذبته} الله أكبر كبير، وأعظم عظيم، وأغنى الأغنياء، وأما أنت أيها الإنسان ففقير بن فقير، مسكين بن مسكين، إن لم يسترك الله افتضحت.

فيا عباد الله! يا من أتى إلى بيوت الله! يا من عود نفسه الصوم، وسجد في التراب لله!

ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبياً

<<  <  ج:
ص:  >  >>