للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[باب التوبة مفتوح]

أيضاً أقول لهم: باب التوبة مفتوح لي ولكم ولكل مسلم، ولا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، بشرى: {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيءُ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها}.

طوبى لمن يأتي إلى الله تائباً! فتوبوا إلى الله جميعاً أيها الشباب، ولا يقل أحدكم: لطخت صحائفي؛ فهذا أدعى لك أن تتوب،؛ حتى تغير الصحائف إلى حسنات، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥].

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].

تدرون من هو أجرم الناس؟ إنه فرعون الطاغية، أرسل الله له موسى، فقال: لعله يتذكر أو يخشى، يقول أحد العلماء: لا ييأس أحد من رحمة الله؛ فإن الله قد دعا فرعون إلى رحمته، بل قد دعا الله إبليس، إلى أن يتوب، فكيف بك وأنت من أسرة مسلمة، وأنت تحب الله، وأنت تسأل الله التوبة؟ إن الله لا يخيب سعيك.

أيها الإخوة! أدعو نفسي وإياكم ألا نُقنِط الناس من رحمة الله، وألا نجعلهم يائسين من رضوانه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ومن قبوله، يروى في الأحاديث الإسرائيلية أن قارون فعل الأفاعيل مع موسى عليه السلام، حتى دبر عملية، وأرسل زانية أعطاها قنطاراً من الذهب لتدعي أن موسى عليه السلام زنى بها، فلما اجتمع بنو إسرائيل قام موسى خطيباً، فقامت هذه المرأة تضرب وجهها، وتشق شعرها وتصفق وتولول، فوقف موسى عن الكلام، قال: مالك؟! فقالت: موسى زنى بي، فوقف موسى واجماً مذهولاً، ووقف بنو إسرائيل، فقال: أسألك بمن شق البحر لي أفعلت ذلك؟ قالت: لا والله، قال: من أعطاك؟ من أرشاك؟ من دفعك؟ قالت: قارون، قال: اللهم خذ قارون أخذ عزيز مقتدر، وكان قارون في بيت من ذهب في غرفة مشرفة كالمصطبة، وكالدكان المرتفع من ذهب، فأخذ بيته ينزل في الأرض، وقد حبست أقدامه في البيت حتى لا يفر، كما قال تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص:٨١].

أخذ البيت ينزل تدريجياً تدريجياً في الأرض، يسقط ويغوص، فأخذ يولول: يا موسى! يا موسى! وهو قريب لموسى، يناديه حتى ينقذ الموقف، فسكت موسى، صامتاً مجروحاً يريد أن ينتقم منه، حتى أخفي وبيته تماماً عن وجه الأرض، فقال الله لموسى: يا موسى ما أشد قلبك! وما أغلظك! وعزتي وجلالي، لو دعاني بكلمة مما دعاك به لأنقذته.

وموسى رفض لأنه قد فعل الأفاعيل وذهب قارون إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم.

وكذلك لابد من رد الإخوة إلى الله عز وجل، وتذكيرهم بأن الرب الرحيم يغفر الذنب، ويتجاوز سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عنه.

إن السعادة يا شباب الإسلام في الاستقامة، وفي العمل الصالح، ليس هذا شعاراً، سلوا من كان لاغياً ثم تاب، سلوا من عرف الذكر والقرآن وصلاة الجماعة وحب الصالحين وحضر دروس الخير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>