للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غلاء المهور]

الأمر الرابع: غلاء المهور على هؤلاء، فإن كثيراً من الشباب تركوا الزواج وكثرت العنوسة في المجتمع بسبب غلاء المهور، وأنا أعرف أنه حدد في بعض المناطق بأربعين ألفاً ويتساهلها الناس مع أنها باهضة، وقد زرت بعض القرى فقالوا: لا نستطيع أن نجمع أربعين ألفاً.

فيبقى هذا الذي راتبه ألف ريال -مع المصروفات والنفقات والحاجات- يجمع طوال السنة أربعين ألفاً ثم يدفعها، ثم بعد ذلك يدخل زوجته بلا مأوى ولا أثاث ولا طعام ولا شراب ولا بيت ولا سيارة ولا شيء.

وبعض الناس الآن يريد أن يخفض لكن يقول: لو كان هناك تحديد لأخذت خمسة آلاف أو عشرة آلاف أما والتحديد أربعين فسآخذ أربعين! وأقول: ما يمنع -أيها الإخوة- أن يكون أقل، والواجب أن ينظر في هذا، وقد قال بعض العلماء الكبار: إن أربعين ألفاً كثيرة على كثير من الشباب.

فعلى آباء البنات أن يتقوا الله عز وجل, فإن من يرضى دينه وأمانته لا يبايع على سلعة, إنما هو يتشرف برحمه وبالقرب منه, والواجب أن يدفع الإنسان من جيبه؛ ليستر ابنته وكريمته, وليكسب رجلاً مسلماً يخاف الله ويرجو لقاءه، هذا هو الواجب.

أما قضية لابد من أربعين ولخالتها عشرة ولعمتها خمسة ولجدتها كذا ثم يورث أهل القرية في هذا المهر: فهذه الأمور لا يستطاع لها, وتأتي منها مشكلات -يا أيها الناس- في مجتمعنا, وتأتي منها كوارث يعلمها الله عز وجل، فالواجب أن تكون عشرة آلاف بقدر النفقة والتكلفة.

وهناك منكر آخر وهو ما يفعله الناس في صالات الأفراح؛ فإنهم يأتون بأمور صراحة أنها تخالف منهج الإسلام في الإسراف وفي المظاهر الكاذبة، كلها فقط مظاهر كاذبة للناس ورياء وسمعة, يقول الله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال:٤٧] ويقول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: {من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به} وبعض الناس يكون فقيراً ومع ذلك يرائي, فيجمع حشفاً وسوء كيلة, يتدين أموال الناس ويذبح أربعين أو ثلاثين أو عشرين ذبيحة، ثم يرمي لحومها للقطط والكلاب, ثم يبقى في سنة يرد ديون الناس, ولا يجد المهر ولا يجد المصروف ولا الأثاث ولا الحلي، فلماذا لا يكون الزواج مخفضاً؟ ولماذا لا يتم في بيت عائلي لا يحضر إلا عشرة وتكون ذبيحة أو ذبيحتان؟ وليس من الضروري أن يكون في صالة الأفراح.

وفي العطلة الماضية حصل في أبها في صالة الأفراح -التي أعرفها بواسطة الإخوة- ٦٢ زواجاً, وذبائحها بالعشرات, ولو وزعت هذه الذبائح على الفقراء لأغنت أسراً كثيرة تنام ولا تجد كسرة الخبز, ثم يلحق ذلك بالتشريعة التي تبلغ عشرة آلاف إلى خمسة عشر أو عشرين ألفاً، وهذا من سفه الناس، ومن قلة فقههم وقلة خوفهم من الله عز وجل.

فلماذا لا يتزوج الإنسان في بيته ويدعو ثلاثة معه وأهله فقط؟ ولماذا لا تحدد هذه الأمور ويقتصد فيها؟ سواء أرضي عنه الناس أم غضبوا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يروى عنه أنه قال: {من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>