للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خطر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع]

الحمد لله، الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.

والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

صلى الله وسلم على صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، والصراط الممدود.

صلى الله وسلم على صاحب الرسالة الخالدة، والشريعة الرائدة، والقيادة الحكيمة.

صلى الله وسلم على من شرح الله به صدور البشرية، وأنار به أفكار الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله: انقطعت الأمطار، وجفت الآبار، ويبست الأشجار، وذبلت الأزهار، وغضب الواحد الجبار، من كثرة الذنوب والسيئات والأوزار.

عباد الله! الذنوب والخطايا قطيعة بين العبد وربه، ووحشة بين الإنسان ومولاه.

عباد الله! الذنوب والخطايا هدم للحضارات، وضرب لثقافة الإنسان ومعرفته، وغضب من الواحد الديان.

عباد الله! الذنوب والخطايا محق للأرزاق، وفساد للأبناء والأخلاق، وتدمير للبيوت.

فلا إله إلا الله، كم دمرت الذنوب والخطايا من شعوب! ولا إله إلا الله كم أفسدت من قلوب! ولا إله إلا الله كم شتتت من أُسر! ولا إله إلا الله، كم أوجبت من لعنة وغضب على أصحابها ومقترفيها!

وقد نعى الله -تبارك وتعالى- على أهل الذنوب والخطايا خطاياهم وذنوبهم، فأخبر أن سبب تدمير قوم نوح؛ هو الخطايا والذنوب، فقال جلَّ ذكره: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً} [نوح:٢٥] فإغراقهم في الدنيا، وإدخالهم على وجوههم في النار؛ سببه الخطايا والذنوب، وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى عن اليهود وصانعي الصهيونية العالمية، وأهل اللعنة الخالدة الأبدية، والذين نشروا الزنا والدعارة في العالم، قال عنهم: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:١٣].

وقال عنهم في موطن آخر: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً} [النساء:١٦٠] حرم الله عليهم الطيبات، وجعلهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى يبوءُون باللعنات، وأغلق عليهم أبواب الرحمات، بسبب الذنوب والسيئات.

وقال الله عنهم في موطن ثالث: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة:٦٦] فباءوا بغضب من الله على غضب.

ولما أفنى الله الأمم، ودمر الشعوب الملعونة البغيضة التي لم تعرف الله، ولا عرفت الطريق إلى الله؛ صنفهم في العذاب: فقوم هددهم بالطغيان، وقوم أبادهم بالريح، وقوم زلزلهم بالمحق، وقوم أغرقهم بالماء، وقال في آخر المسيرة المبكية المحزنة، مسيرة الدمار، والعار، والشنار: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:٤٠].

تتوسل الملائكة إلى الله في السماء، أن يغفر للمؤمنين، وأن يقيهم السيئات والذنوب، يقول جلَّ ذكره عنهم: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر:٩].

<<  <  ج:
ص:  >  >>