للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عيادة المريض واتباع الميت]

ومن حقوق المسلم: أن إذا مرض فعده، وفي الحديث: {من عاد مريضاً مسلماً شيع بسبعين ألف ملك} وجاء عند الإمام مسلم: {من عاد مسلماً كان في خرفة الجنة حتى يعود إلى بيته} سبحان الله! يمرض أخوك المسلم ثم لاتعوده!

وقد أصبحت عيادة المرضى على أوسمة الدنيا ومقامات الدنيا، وبعض الناس لا يعاد إلا رياءً وسمعة، فلا يكتب الله الأجر لمن عاده ويمرض الفقير بجانبك فلا تعوده، ويمرض طفل جارك فلا تنظر إليه ولا تسأل عنه، لكن إذا مرض سيد من سادات الدنيا، فتذهب وتعتذر وتخدمه من أجل الدنيا، سبحان الله! إن ما عند الله خير.

ومن حقوق المسلم: إذا مات أن تتبع جنازته فإن المسلم محتاج إلى أخيه المسلم في الحياة الدنيا بعد الموت؛ محتاج إلى دعائه، وما أحسن أن تقف على جنازته فتدعو له {ما دعا أربعون مسلماً لا يشركون بالله شيئاً لمسلم إلا شفعهم الله فيه} فإذا وقفت على جنازته فأخلص الدعاء له.

يقول عقبة بن عامر: {كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فاقتربت منه حتى مست ثيابي ثيابه، ثم سمعته يدعو للجنازة -انظر إلى الدعاء الحار الصادق، انظر إلى الدعاء الذي ينبعث من القلب، في أعظم مصرع يصرعه الإنسان، وهل تُعَلَمُ كارثة في الحياة أكبر من أن يلف المرء في الأكفان، ويطرح أمام الناس ميتاً؟! - قال: فسمعته يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراًَ من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، قال عقبة: فوددت والله أني أنا الميت}.

قال ابن مسعود: {أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي البجادين، فأنزله قبره، فلما وضع التراب تحت رأسه قال: اللهم إني أمسيت عنه راض فارض عنه}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>