للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السورماري وشبيب بن يزيد]

ومن الشجعان: أحمد السورماري المحدث، شيخ البخاري.

قتل في المبارزة ألف مشرك، وقال أحد الناس للبخاري: سمعنا أنك تقول إن أشجع الناس في الإسلام السُرماري وقد بالغت.

قال: ما قلت إن أشجع الناس في الإسلام السُرماري.

قالوا: ماذا قلت؟ قال: قلت: أشجع الناس في الجاهلية والإسلام السُرماري.

قطعة من حديد وزنها عدة أرطال، وكان لا يبارز بالسيف وإنما يبارز بهذه القطعة، فإذا أتى الفارس ضربه على رأسه، فإذا نخاعه ثراً ودماؤه في الأرض، قتل ألفاً مبارزة من غير من قتل وافترس في المعركة.

ومنهم: شبيب بن زيد الخارجي.

وهو من أشجع الناس وهو قائد الخوارج، كان عنده ستون من الخوارج فهزم الحجاج ومعه ثلاثة آلاف، ثم تتبع الحجاج في كل غزوة، وكان من شجاعته أنه كان ينام على البغلة، ترجم له ابن كثير فقال: كان ينعس على البغلة من قوة قلبه.

وهو في المعركة، ومن ينام في المعركة؟!

وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم

ونحن في أبها ما نمنا وصواريخ الأسكود تضرب في حفر الباطن، وحفر الباطن في الصحراء، ونحن أغلقنا النوافذ والأبواب وأغلقنا السطوح، وتصورنا صدام في الماء، والأطفال خافوا من صدام، والحيوانات والعجماوات والطيور والزواحف، فإذا سمعنا طلقة الصاروخ أخذ الواحد منا ترعده الحمى.

وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام

أهؤلاء أتباع محمد صلى الله عليه وسلم؟! أهذا جيل يستطيع أن يقتحم على اليهود؟! سبحان الله أين الشجاعة؟! كيف لو أن المعركة في طرفنا؟ وكيف لو أنك في الصف الأول؟ ومع ذلك كدسوا الأرز والشاي وعلب الليمون وكل شيء في البيوت وأغلقوا عليه وكأنهم لا يموتون: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة:٩٦] سبحان الله! أين المحاضرات الرنانة والدروس؟ لقد ضاعت وقت الصفر.

وشبيب أمره عجيب أتدرون ماذا فعل؟ قاتل الحجاج وكاد أن ينتصر عليه، لكن فرسه رأى بغلة فاقتحم نهر دجلة من على الجسر فوقع في النهر مع هذا الفارس، وكان مربوطاً في الفرس، فأراد أن يسبح فما استطاع، ففرق به الفرس وارتفع فأخذ يقول: "لله الأمر من قبل ومن بعد" ثم مات، يقول أحد الجبناء: "يا ليتني أظفر بمشركٍ مقتول فأقطعه قطعة قطعة".

وامرأته لديها شجاعة مثله، اسمها غزالة، حضرت المعركة وقاتلت الحجاج بعده، ودخلت بيت الإمارة فهرب الحجاج من الباب الثاني، فدخلت المنبر وأخذت السيف وخطبت في الناس، قال أحد المسلمين ممن سجنهم الحجاج: يا مجرم يا حجاج! سجنتنا وعذبتنا وفررت من غزالة!

أسد عليَّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر

<<  <  ج:
ص:  >  >>