للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مجالسة الأمرد والابتلاء بحبه]

السؤال

فضيلة الشيخ! إنني -ولله الحمد- شاب مستقيم، ولكني أجلس مع شباب مرد الوجوه، وحاولت أن أترك معاشرة شاب وهو أمرد فلم أستطع، وكلما شاجرته وسببت مشاكل بيني وبينه، يقول: لكني أعود إليه، وأذل نفسي عنده حتى تعود الارتباطات بيني وبينه، وقد نصحت منه ولم آخذ بهذا الكلام، أرجو من الله ثم منكم أن تدلوني على حل، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

هذا سؤال خطير، وقد ألف في هذه المسألة أبواب كثيرة، ولا يصح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث الأمرد ذاك، وقد رده ابن تيمية الذي يقول: جعله وراء ظهره.

لكن صح عن السلف أنهم حذروا من النظر والهيجان، والتطلع إلى المحرمات عموماً، ومنها: النظر إلى الأمرد، فالإنسان أعرف بنفسه، والشيطان له مداخل عجيبة على النفوس، فالإنسان مأمور بعموم قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠] فغض البصر يشمل المرأة ويشمل الأمرد إذا وجد، إلا إذا كان الإنسان يجد أن نفسه لا تتحرك ولا ريبة ولا شهوة، والأمرد إنما جعل حراماً لما عليه من سيئات أو ما يتحمل من نتائج سيئة، فهو أدرى بنفسه، وليتق الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا كان لضرورة كأن يعلم درس قرآن أو حديث، أو في جلسة أو مركز فعليه أن يغض بصره، وأن يتقي الله، ولا يخلو به؛ فإن هذا أمر خطير.

وأما ما ذكرت وأنك وجدت هذا في نفسك فاتق الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وابتعد عنه، وعليك أن تقنعه بهذا الأمر، وإذا حضرت عنده أن تغض بصرك، لأنه لا حياء في الدين، فهذه المسألة ألف فيها رسائل، ونوقشت في مجالس لأهل العلم على مستويات كبيرة من الأئمة الكبار، كـ أحمد بن حنبل فقد كتب وأفتى فيها، والإمام النووي له فتوى، وابن تيمية، فلا حياء في الدين، وقد ذكر الله عز وجل في القرآن ذاك الذنب العظيم الذي وقعت فيه أمة لوط، وسبب التدمير والإبادة التي أوقعها الله تعالى بتلك الأمة، وثنى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وأعاد، فهذا ينتبه إليه، وأنا أقول: على الشباب أن يغضوا أبصارهم، وأن تكون اجتماعاتهم اجتماعات جماعية، ليس فيها خلوة، وأن إذا حضروا في مخيم أو في مكان أن يكونوا على مرأى ومسمع من الناس، ولا يقرب الإنسان من نفسه الشبهة والشك والريبة، فلو سلم منها أحد لسلم منها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن الناس قد يتهمون البريء ولو كان من كان.

الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما زارته صفية وخرج يشيعها مر رجلان من الأنصار فأسرعا، فقال: {على رسلكما، إنها صفية بنت حيي -زوجته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! - قالوا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم} فالإنسان يبتعد عن التهم، وعن مواقع الريب؛ لأن الناس يسرعون إلى الشك والتهمة والله أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>