للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته]

أما عنصر {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}: فهذا كلام الحبيب عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من حديث عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها، ثم ذكر الولاة، ثم قال: ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}.

إذاً: يا أيها الأب في البيت أنت راع، يا أيها المسئول، يا أيها الأمير، يا أيها الوزير، يا أيها القاضي، يا أيها الأستاذ، يا أيها العميد، كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، البيت مسئولية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة -المجدد في القرن الأول، الزاهد الأموي، رضي الله عنه وأرضاه- فأتى لينام الليل، فذهب النوم، قالت له زوجته فاطمة بنت عبد الملك: يا أمير المؤمنين ألا تنام، قال: كيف أنام وقد ولاني الله أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الضعيف والمسكين، وأمر الشيخ الكبير والمرأة العجوز، وأمر الهرم والعجوز والفقير، فبكت معه.

ونستخلص من هذا:

أن المسئولية في الإسلام مغرم لا مغنم، فاصرف نظرك أن تظن أن المنصب وسيلة لك إلى السعادة، فلن يكون إلا إذا جعلته طاعة لله.

وربما رددت علي وقلت: ربما يسعد بعض الناس بالمنصب أو بالمسئولية في مال من غير وجهه أو في شهرة أو في ظهور.

قلت: هذا مكسب فقده خير منه، وهو الموت والقتل والذبح، وهو الذي يجعله الله وبالاً على صاحبه، وهل أهلك فرعون إلا المنصب يوم جعله لعنة، يوم جعله معصية، يوم جعله محاربة لله، وهل أهلك قارون إلا المال، فجعله سلاحاً هداماً في وجه رسل الله عليهم الصلاة والسلام، وهل أهلك أبا جهل إلا الجاه يوم جعله عقبة في وجه لا إله إلا الله محمد رسول الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>