للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خطر الكذب على الله ورسوله]

ولما كان لزاماً على كل طالب علم أن يبين للناس ما يخشى أن يقعوا فيه، ومن أعظم ما يخشى على الأمة الكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام والافتراء عليه، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} والله عز وجل يقول: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً} [النساء:٥٠] فبين سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن الكذب من أكبر الذنوب والخطايا؛ خاصة إذا كان على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

الكذب على الناس كبيرة، فكيف إذا كان على رسول الناس؟! فكيف إذا كان على رب الناس سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؟! قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر:٦٠] مسودة من الكذب؛ لأن الكاذب دائماً خجول ودائماً حقير وذليل.

والمقصود من هذا الدرس: هو بيان بعض الأحاديث التي انتشرت بين الناس وهي ضعيفة أو موضوعة، وسوف أبين بحول الله الموقف من الأحاديث الضعيفة، هل يستشهد بها، وهل يستدل بها؟ ومتى وما شروط ذلك؟

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦] ومعنى (لا تقف): قيل: لا تتبع، وقيل: لا تقف على ذلك، وقيل: لا تورده على الناس وأنت لم تتحقق منه، وقيل: لا تشيعه بين الناس فإن بعض الناس يحدث بكل ما سمع.

وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع} أي: يكفي الإنسان إثماً وخطيئة أنه كلما سمع قصة ومقالة قالها ونشرها بين الناس.

وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، وحرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات} ومعنى قيل وقال: أي كثرة الكلام، قال فلان ورد عليه فلان، وقالوا وقلنا، وهذا معناه: ضياع الوقت والعمر والدين.

يقول سبحانه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] وهذا تهديد لمن يتكلم في غير مرضاة الله عز وجل.

والمقصود هنا من الحديث: أن أبين بعض الأحاديث التي يستدل بها بعض الخطباء وبعض المتحدثين وهي منتشرة بين العوام فيحذر منها؛ لئلا تنتشر، وفي الأحاديث الصحيحة غنية والحمد لله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>