للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حال حديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر)]

وكذلك حديث: {من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؛ لم يزدد من الله إلا بعداً} ضعيف سنداً ومعنىً، ومعناه: أن الإنسان إذا كان يصلي ويرتكب الفحشاء مثل أن يصلي ويزني، أو يصلي ويشرب الخمر، أو يصلي ويسرق، أو يصلي ويكذب معنى الحديث: أن الصلاة تزيده بعداً؛ لأنه يرتكب الفاحشة ويصلي، إذاً فليترك الصلاة، معنى الحديث لو أنه يزني ويترك الصلاة أحسن؛ لأنه لو صلى وزنى زادته الصلاة بعداً من الله! وهذا خطأ سنداً ومتناً ومعنىً؛ لأن الصلاة لا تزيد العبد إلا قرباً من الله؛ حتى لو كان يرتكب الفواحش فإنه سوف تمر به فترة إذا داوم على الصلاة بخشوع وخضوع وصدق وإنابة وإخلاص وسوف تدفعه إلى تقوى الله، والخشية منه، وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].

وهنا قضيتان من قضايا الساعة عندنا نحن المسلمين، وهما قضيتان مطروحتان:

القضية الأولى: المخدرات، والقضية الثانية: البث المباشر.

أما المخدرات الآن فقد أحدثت ضجة إعلامية في العالم، فـ روسيا تحارب المخدرات، وأمريكا بل كل دول العالم كافرها ومؤمنها، يحاربون المخدرات، ولا نعلم شعباً في الأرض يرضى بالمخدرات، لكن يحاربونها بالحديد والرصاص ونحن نحاربه بالإيمان والإخلاص، يحاربونه بالتنديد والتهديد ونحاربه نحن بكلمة التوحيد، فنحن متى ننجح في منع الناس من المخدرات؟ إذا أتينا بالشباب إلى المسجد، وإلى القرآن، وإذا كان الشاب يسمع الأغنية، ويطالع الصورة الخليعة، ويسهر مع الفيلم، والسهرة، والبلوت، هذا وشيك وقريب أن يقع في المخدرات.

إذا نجحت بإدخال الشاب إلى المسجد، وإجلاسه في مجالس الحديث والدروس والمحاضرات، إذا نجحت في أن تُهدي له كتيباً أو شريطاً فقد قدته إلى الله، وقد جعلت بينه وبين المخدرات حائلاً، نحن لا نستطيع أن نسيطر على الفواحش والمنكرات إلا بالصلاة، وبالإيمان، والقرآن، وذكر الله، وخشيته هذا علاجنا.

البث المباشر أصبح الآن أخطبوطاً في العالم، خاصة العالم المسلم، أما العالم الغربي فهو الذي أنتجه، وبعض الدول العلمانية في العالم العربي التي تريد أن تشوش على الشاشة؛ لئلا تستقبل الصور من الرادار، وبعضها ترى أن تطور شاشتها قبل أن يفد إليها هذا الوافد، وإذا أتى هذا السيل بطلت سيولهم، وبعضهم احتار ماذا يفعل؟

والذي ورد من المحققين، ومن أهل الصحافة والمراقبين أن هذا البث المباشر سوف لا يجدي فيه التشويش، وسيصبح مثل الراديو، ينقل المحطات والقنوات مباشرة، ولا يستطاع أن يشوش عليه.

لا تحدثني عن البث المباشر والعرب سات وأقمار المقامر

أنا بثي دعوة قدسية تطفئ الشمس وتخزي كل كافر

والمذيعون علي والبراء وأبو بكر وعمار بن ياسر

أكبر ما يشوش عليه الإيمان، وعندنا أناس من أبنائنا ومن السعودية، ومن مصر، والكويت، والإمارات، والسودان، واليمن، والعراق يدرسون في أمريكا، لكنهم يعيشون مثل حياة الصحابة، مؤمنون كإيمان أبناء الصحابة وهم هناك!؛ عندهم ثمانية وخمسون قناة، عندهم قناة في الشارع وفي المكتبة وفي الأوتيل وفي الطريق وفي المقهى، ولكنهم بإيمانهم انتصروا عليها، عندهم زوجاتهم وأطفالهم ويعيشون كحياة الصحابة؛ وعندهم قيام ليل وصيام الأيام البيض ويقرءون القرآن وهم في أمريكا!

وعندنا أناس قد يسكنون بجانب الحرم لكنهم فجرة بل من أكبر الفجار!

ذاك في أريزونا وهو مؤمن، وهذا في مكة وهو فاجر، فلا يجدي المكان ولا الزمان، ولا يجدي إلا الإيمان، بأن نأتي بهذا الإيمان ونغرسه في قلوب الناس حتى ننتصر على هذه التخطيطات التي يخطط لها الكافر شرقيه وغربيه.

أنا ذكرت هذا بمناسبة من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؛ لأن الناس إذا سمعوا مثل هذا الحديث، قالوا: ما دام أنها لا تزيدنا من الله إلا بعداً؛ إذاً نرتكب الفواحش ثم نتوب فيما بعد ونترك الصلاة معها، ثم نقضيها مرة واحدة! وهذا خطأ كبير في الفهم نسأل الله العافية والسلامة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>