للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قضايا مهمة في مقطوعة غناء]

أولها: قوله: (جايين الدنيا ما نعرف ليه) أي: أتيت إلى الدنيا لا أعرف لماذا أتيت؟ قال سبحانه يرد عليه ويخبره لماذا أتى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:١ - ٣].

(جايين الدنيا ما نعرف ليه) أتى بك الله كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨].

قال: (جايين الدنيا ما نعرف ليه) أتيت لتعبد الله فإلى جنة أو تعصي الله فإلى نار.

ثم يقول: (ولا رايحين فين ولا عايزين إيه) رايح إلى دار المستقر، إلى يوم يجمع الله الأولين والآخرين يرد الله عليك فيقول: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:٦٢] وقال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [الواقعة:١ - ٣] وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:٣٤ - ٤١] والله يقول لك: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٩٤].

يقول: (ولا رايحين فين ولا عايزين إيه) رايح إلى الواحد الأحد، قال سبحانه: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٨] وقال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} [طه:١٠٢] وقال سبحانه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة:١ - ٢] وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:٣٣ - ٣٧].

ويقول:

مشاوير مرسومة لخطاوينا نمشيها بغربة ليالينا

كأنه يمشي على غير قضاء وقدر، والله يقول: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٤٩ - ٥٠] ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار:٦ - ٨] ويقول الله: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد:٨ - ١١] ويقول الله: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:٦] فاعرف أنك سوف تلقى الله.

مقطوعةُ كفرٍ تُغنى، ويستمعها مئات الألوف، ونحن نحذره وننذره، وكل من سار مساره وأدمن الغناء، شفقةً بهم ورحمةً قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة، والكافرون هم الظالمون، قبل أن يجمع الله الأولين والآخرين ثم يقولون: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} [الأنعام:٢٧] ولكن هيهات.

إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على ألا تكون كمثله وأنك لم ترصد لما كان أرصدا

واسمع إلى بعضهم يقول في أغنية مشهورة:

هل رأى الحب سكارى مثلنا

ما رأى في الحياة سكارى مثلكم، سكرى الأرواح وسكرى العقول اجتمعت فهو سكار عظيم، فما رأى الناس كسكران من الغناء، وسكران من الخمر، وندعوك مع ذلك إلى الله، واعلم أنك مهما شربت من كأس، ومهما استمعت من وتر، ومهما عصيت الله ثم عدت ورفعت يديك إلى الحي القيوم، وتبت إلى الله وقلت: أستغفر الله، غفر الله لك.

صح عنه عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل يقول: {يا عبادي! إنكم تذنبون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم} وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي الصحيح: {يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة}.

إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرار

وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقنا من النار

سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولم يزل مهما هفا العبد عفا

يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخطا

وقال الرابع:

يا من هواه أعزه وأذلني كيف السبيل إلى وصالك دلني

لقد أذلك هواه، ولقد أبعدك هواه، ولقد صدك هواه، أبعدك عن المسجد، وعن القرآن، وعن طريق الجنة، أذلك في الدنيا والآخرة، إن لم تتب إلى الله، وهذا اعتراف منه يقوله أمام الناس.

وقول الخامس: (قسماً بمبسمك البهي) لا إله إلا الله!! القسم بغير الله شرك، وهذا يقسم بشفتي محبوبه، والله له أن يقسم بما شاء من خلقه، والله يقسم على أمور تشيب الرءوس، وتجعل الولدان شيباً، وتجعل الدمع يتصبب، وتجعل القارب يتحدر، قال سبحانه: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} [الشمس:١ - ٢] وقال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:١ - ٢] وقال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل:١] وقال تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة:٧٥] وقال تعالى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى:١ - ٢] قسم عظيم من الواحد الأحد، ولا نقسم إلا بالله فلا أعظم من الله، وهذا يقول: (قسماً بمبسمك البهي).

ويقول آخر وهو يغنى هذا الكلام:

لبست ثوب العمر لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر

لا إله إلا الله! تعتب على أنه ما استشارك الواحد الأحد، فتقول: ما استشارك الله الذي خلقك، قال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣] له الحكمة البالغة يخلق ما يشاء ويفني ما يشاء، ويغني من يشاء ويفقر من يشاء، قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} [الفرقان:٣].

وقصيدة وأغنية أخرى، نقلت عن مطربة كتبها أحد الناس، تقول وهي قد كلَّت في الحياة وملَّت: (أروح لمين ومين سيرحم أساي) تروحين إما إلى جنة أو نار، قال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:٧] وقال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:١٠] هذا طريق الخير وطريق الشر، محمد عليه الصلاة والسلام في الطريق الأيمن، والشيطان في الطريق الأيسر، فإن أجبت محمداً عليه الصلاة والسلام فالجنة، وإن بقيت مع الشيطان فالنار.

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شيء

ويغني أحدهم أغنية الفاسق المجرم إيليا أبو ماضي النصراني الذي يقول:

جئت لا أعلم من أين! ولكني أتيت!!

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!

ولماذا لست أدري؟!! لست أدري!!

وأقول: والله لتعلمنَّ: {إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:٩ - ١٠].

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:١٠٦ - ١٠٧].

هذه بعض المقطوعات، وتركتُ الكثير وعندي قوائم وقصاصات وملحقات ونشرات، بعضها كفر، وبعضها فسق، وبعضها معصية، فنطلب من الجميع أن يتوبوا إلى الله، وأن يراجعوا حسابهم، وليعلموا أن هناك رقيباً.

كأن رقيباً منك يرعى خواطري وآخر يرعى مسمعي وجناني

<<  <  ج:
ص:  >  >>