للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلمانيون في مجتمعاتنا]

الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ:

وشكر الله لمن كان سبباً في هذه الدعوة، وأشكر عميد الكلية وهيئة التدريس.

عنوان هذه المحاضرة (العلمانيون في كتاب الله عَزَّ وَجَلَ) وهي المحاضرة الثالثة عشرة بعد المائة الثالثة.

وقد اختير هذا الموضوع لاعتبارات كثيرة:

من هذه الاعتبارات: أننا نعيش مأساة العلمانيين الذين تربوا على موائد الغرب، وتلقوا علومهم هناك، وأتوا ينفثون سمومهم هنا.

ومن هذه الاعتبارات: أنه بدأ يلوح لنا في الأفق سيف العلمنة يريد أن يقصم ظهر الإسلام، وأن ينهي المسجد والمصحف والصلاة والتسبيح.

ومن هذه الاعتبارات: أن من الحكمة أن نتكلم عن المقام الذي يتحدث فيه، ولعل الله أن يهيئ من الوقت والطاقة ما نتحدث بإذنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن موضوع (المفكرون في القرن الحالي من المسلمين)

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢٥٧] ويقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة:١٦١ - ١٦٢].

أيها الأبرار: العلمانيون قوم يمثلون المنافقين في عهده عليه الصلاة والسلام، ولو كان عدونا يهودياً لكنا حذرناه وعرفناه، ولو كان نصرانياً لكنا أبصرناه، ولو كان شيوعياً لكنا أدركناه، لكن هذا العدو الذي أتكلم عنه هذه الليلة يلبس عقالاً ومشلحاً، وقد يصلي يوم الجمعة، وقد يصلي صلاة العيد، ويحضر صلاة الاستسقاء، ولكنه في داخله وفي نفسه يحمل ناراً تلظى على لا إله إلا الله، ويكره عباد الله، ويريد أن تهدم الكعبة، وفي زعمه أن القديم من الدين الإسلامي هو سبب تأخر المسلمين وتخلفهم ورجعيتهم.

هذا الصنف سافر إلى الخارج، ولكنه ما أتانا ليصنع طيارة، ولا سيارة، ولا بنى عمارة، ولا هندس لنا قاطرة؛ وإنما أتانا وقد حلق لحيته وفي زعمه أن هذه اللحية تخلف، وأنها تمثل وجه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وصلاح الدين وابن تيمية.

وأتانا وقال: إن الثوب القصير رمز الرجعية التي ما زال يعيش عليها الناس في الجزيرة العربية، وأتانا يضحك على جده الذي يقوم الليل ويصوم الإثنين والخميس والثلاثة البيض من كل شهر.

وأتى يضحك على الناس يوم يجتمعون في صلاة الاستسقاء، ويقولون: اللهم اسقنا اللهم أغثنا.

درس هناك في دنفر أو لوس أنجلوس أو باريس أو لندن، ولكنه ما أتانا بتلك الحضارة التي قدموها للإنسان.

نعم قدموا لنا كهرباء، ومكبر صوت، وطاولة وكرسياً، وأسباب المادة، وليته أتانا وقدم لنا ما قدم أولئك للعالم من أسباب مادية، ولكنه أخذ القشور وترك اللباب.

منهم أخذنا العود والسيجاره وما عرفنا نصنع السياره

استيقظوا بالجد يوم نمنا وبلغوا الفضاء يوم قمنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>