للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسباب المصائب والعقوبات التي تحل بنا]

السؤال

في هذا العام، كما يعلم الجميع مع قلة الأمطار، جاء برد شديد توفي على إثره أناس، وماتت بسببه كثير من المواشي والنخيل وسائر الأشجار، وتفجرت كثير من صنابير المياه ومضخاتها، وحدث كثير من الأمراض، فما رأيك بمن لا يعتبر بذلك، وينسبه إلى الطبيعة دون ربطه بأسبابه، وأنه عقوبة من عقوبات الذنوب والمعاصي المتتابعة؟

الجواب

بل هذا أعظم شاهد وأعظم دليل على ما فعلناه من الذنوب والخطايا، فإن ما وقع هو من ذنوبنا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠] فقلة الأمطار، وجفاف الآبار، وموت الأشجار، وذبول الأزهار، كلها مما أغضبنا به الواحد الجبار، فنشكو أحوالنا إلى الله عز وجل، وقد سلف في أثناء الكلمة قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في بني إسرائيل: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة:١٣] ونوح عليه السلام يقول لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:١٠ - ١٢].

وفي بعض الآثار التي في أسانيدها نظر أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كما يروى عنه أنه قال: {إن العجماوات والبهائم تشكو فسقة وفجرة بني آدم إلى الله، وتقول: يا ربنا منعنا القطر بسببهم} وأورد السيوطي حديثاً وقد أثر عن بعض السلف أنه نسب إلى أحد الأنبياء أن الله يقول: وعزتي وجلالي لولا الشيوخ الركع، والأطفال الرضع، والبهائم الرتع، لخسفت بكم الأرض خسفاً.

وصح في حديث: {أن سليمان عليه السلام خرج يستسقي ببني إسرائيل، فوجد نملة وهي في القحط والجدب رفعت رجليها تدعو، فتبسم عليه السلام وقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعاء غيركم}.

فمن معاصينا ومخالفاتنا: التخلف عن الصلوات، ومقاطعة الجماعات، وتزايد الربا, وأكل الربا ولبسه، وركوب سيارات الربا، وبناء منازل الربا، وإطلاق النظر في المحرمات، وتبرج المرأة إلا من رحم الله، وكلها من المعاصي، فكيف لا يذهب الجمال؟!

وكيف لا تقصى الديار؟!

وكيف لا تيبس الأزهار؟!

وتنقطع الأنهار؟!

وتجف الأمطار؟!

هي المعاصي يا عباد الله!

فلنعد إلى الله، ولنكثر الاستغفار والتوبة، ولنعتبر إن كنا من المعتبرين، ولنتعظ إن كنا من المتعظين، رزقنا الله وإياكم توبة نصوحاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>