للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التزود بالنوافل بعد الفرائض]

ومما يجب على المسلم أن يعلمه وأن يفعله دائماً؛ أن يحافظ على الفرائض؛ فإنها رأس ماله، ليس معه إلا الفرائض، والله لا مال، ولا تجارة، ولا منصب، ولا وظيفة:

زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران

وكل وجدان قوم لا أساس له فإنما هو في التحقيق خسران

يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران

أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يقول الله عز وجل: وما تقرب إلي عبدي بأحب إليَّ مما افترضته عليه} إذا ضاعت فريضتك فأين رأس مالك؟! بالله قل لي: من ضيع الصلوات في أوقاتها بخشوعها، وركوعها أين رأس ماله؟! الصلوات التي هي الإسلام، والإسلام هو الصلاة، الصلاة التي من تركها فقد كفر ويصبح كالبهيمة، يقول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: {بين المسلم والكافر ترك الصلاة} يوم يترك الصلاة يكفر، يوم يترك الصلاة يحل دمه، يوم يترك الصلاة يلعن، يوم يترك الصلاة يحل عرضه، يوم يترك الصلاة يحل ماله، يوم يترك الصلاة تخرج زوجته من عصمته ولا يجوز لها البقاء معه، يوم يترك الصلاة لا يصلى عليه، ولا يكفن، ولا يغسل، ولا يدفن في مقابر المسلمين، قال الحبيب المصطفى: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر}.

واعلم أن من آثار التوحيد الجميلة أن تتزود بالنوافل، وكما قال عليه الصلاة والسلام: {قال الله: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به} جاء رجل قال: {يا رسول الله! أريد مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة}.

وعليك بالذكر فقد قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] وقال أيضاً: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢] وقال أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} [الأحزاب:٤١].

التسبيح، التحميد، وأكثر من ذكره في الأرض دائماً لتذكر في السماء:

إذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر أحياناً فننتكس

أيها المسلمون: هذه وصايا وأنا أردت من هذا الشريط كل طبقات الناس؛ فإنه رسالة لكل مسلم، لعل الله أن ينفع به، لعل رجلاً صالحاً أن يهديه إلى أخيه، أو صديقه، أو جاره فيهتدي بسببه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} وسوف يكون هناك قضايا؛ لكنني لم أعلم قضية من الكبار والخطوط العريضة والمجملة التي تهمنا جميعاً إلا وذكرتها هنا.

وهناك ذنوب نقع فيها دائماً ونكررها، وليس لنا نجاة ولا فلاح إلا أن نتوب ونتخلى عنها، منها: الغيبة وانتهاك أعراض المسلمين في المجالس، فالغيبة أمرها عظيم قال تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:١٢].

الغيبة: هي ذكرك أخاك بما يكره، بالغيبة كأنك تذبح المسلم وتأكل لحمه وتشرب دمه، فالله الله في المسلم أن يحفظ لسانه، وأن يرعى أعراض المسلمين {فإن من تتبع عورة المسلمين تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه الله ولو في عقر داره}.

نسأل الله السداد والتوفيق والرشد والهداية، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يتجاوز عنا وعنكم، سيئاتنا، وأن يقبلنا فيمن قبل.

هذا وصلى الله على نبيه وخليله محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>