للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تعارف المتقين في الجنة وتزاورهم]

السؤال

المتقون هل يعرفون بعضهم بعضاً يوم القيامة، إذا اجتمعوا في مثل الحياة الدنيا، وكيف يستطيع المؤمن أن يزور من هو أعلى منه درجة في الجنة؟

الجواب

المتقون يتعارفون في الجنة يوم القيامة، ويجلس بعضهم مع بعض ويتزاورون، ودلت على ذلك آيات كثيرة منها قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الصافات: {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} [الصافات:٥١ - ٥٢] وأقبل بعضهم على سرر، فهذا من النعيم أنهم يتزاورون ويتواصلون، ويعرف المسلم أهله في الجنة، وأقاربه، وأخواله، وأعمامه، وأنسابه، وأصهاره، وأصدقاءه في الحياة الدنيا، يقول عز من قائل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١] فمن تمام النعمة على هؤلاء أن يجمع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للرجل أهله وكل من يريد في الجنة، وأن يقاربهم على اختلاف في الدرجات، وهم يتزاورون؛ لأنه لا يتم نعمة بعض الناس إذا كان أهله في مكان وهو في مكان، إلا إذا كانوا كفاراً أو مشركين من الذين استوجبوا دخول النار، فهذا أمر آخر، أما لو كانوا في الجنة فإن الله يجمع كل قرابة، فيتزاورون، ويتجالسون، ويتذكرون أيامهم في الدنيا؛ وكنا نرى كذا، أما رأيت يوم فعلنا في الدنيا كذا وكذا، كما يعيشون هذه الأيام، وهذا من تمام النعيم بأنهم بعقولهم وبإدراكاتهم، ويتذكرون أيامهم في الدنيا.

وأما إذا اختلفت الدرجات فإن الله عز وجل قد يلحق بعض الصالحين بأقاربه أو بأهله، فيرفع هذا إلى درجاتهم مناً من الله عز وجل قاله بعض أهل العلم: إذا كانوا من أهل الجنة، وليسوا من أهل النار فيدخله الله عز وجل الجنة بسبب أهله، ولا ينفع هذا إن كان من أهل النار.

إنما يكون في الجنة لكن أقل درجة، كما قال عز من قائل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور:٢١] بإيمان شرط أن يكون هذا التابع مؤمناً: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:٢١] أي رفعناهم معهم وجمعناهم معهم: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور:٢١] فتدخل الجنة برحمة الله عز وجل، ولكن الدرجات بالأعمال الصالحة في الدنيا، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة، وأن يجعلنا من وُرَّاثها في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>