للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عاقبة تكديس الأموال]

{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة:٣٤] ويدخل فيهم أهل الشركات وأهل الملايين {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:٣٤ - ٣٥] ذوقوا هذا كنزكم، هذه ملايينكم، رأيتم الفقراء، ورأيتم الأمة الضائعة، ورأيتم المحتاجين فما رفعتم ضيماً، هذا كنزكم، هذا ما كنتم تكنزون.

يقول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم: {والذي نفسي بيده ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح، فتكوى بالنار، فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤] حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله هل إلى جنة أو إلى نار، ووالذي نفسي بيده ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا إذا كانت يوم القيامة صففت بصفصف قرقر، فبطح هو -صاحب الإبل يبطح- ثم تأتي عليه فتطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما انتهى أولها ردت على آخرها {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤] حتى يقضى بين الناس، والذي نفسي بيده ما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة بطحت له بقاع قرقر، فبطح هو، ثم أتت ليس فيها عطفاء ولا جلحاء ولا عضباء، تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤] كلما انتهى أولها ردت على آخرها حتى يقضى بين الناس}.

هذا كلام المعلم، هذا كلام المعصوم عليه الصلاة والسلام، هذا كلام الذي رفع رءوسنا، والذي أتى بهذه الفريضة يطهرنا بها {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:١٠٣] لماذا لا يتطهر الإنسان قبل أن يكون أول ما يحاربه في القبر ماله، وفي الحديث الصحيح: {ما من صاحب كنز إلا جُعِلَ له شجاعٌ أقرع -ثعبان له زبيبتان- يلدغه في القبر ويقول: أنا كنزك أنا مالك} هذا الكنز وهذا المال.

وعند الإمام أحمد: أن الصحابة اختلفوا أي الكنز أحسن؟ أهو الذهب أم هي الفضة أم الإبل أم عروض التجارة؟ فأرسلوا عمر بن الخطاب يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وصل إليه {قال أي الكنز أحسن يا رسول الله؟ قال: من آتاه الله قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً} هذا هو الكنز العظيم الذي يكتنزه المسلم لينفعه في {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩].

<<  <  ج:
ص:  >  >>