للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشاهد من قصة كعب]

الشاهد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل كعب بن مالك؟

فقام رجل بينه وبين كعب بعض الحزازات ليشهد.

وبعض الناس لا يدعى ولا يستشهد، لكن يدلي بشهادته قبل أن يستشهد، حتى إذا ذكر بعض الأخيار في بعض المجالس، ترى بعض الأعداء كما قال الله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:٣١] قال ابن تيمية: هادياً يهديه، وناصراً ينصره، فالهادي بصيرة، والنصر إما شيخ أو سلطان، والله يجعل للأولياء إما هدى بصيرة، وإما سلطان يدفع عنهم، وكفى بسلطان الله من سلطان.

فترى إذا ذكر بعض الأخيار وبعض الذين لهم قدم صدق، ينبري لهم من يتنقصهم في المجالس، ويتهكم بهم في نقاط الضعف التي لا يخلو منها البشر، وينسى حسناتهم التي كالجبال، قام الرجل فقال: يا رسول الله! ألهى كعب بن مالك نظره إلى برديه، واشتغاله في أهله.

وقام معاذ بن جبل الداعية الإمام، الذي يتقدم يوم القيامة قبل العلماء برتوة ويدخل الجنة، قائد العلماء إلى الجنة، قام يدافع عن الرجل، وإذا لم يدافع المؤمنون بعضهم عن بعض، يدافع عنهم ربهم: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) [الحج:٣٨] قال: يا رسول الله! والله ما علمت في كعب إلا خيراً، وأثنى عليه.

وانتهى صلى الله عليه وسلم من الغزوة.

قال كعب يروي القصة والمأساة، مأساة وجرح في حياته لا ينساه، لكن ضمدته التوبة، وداواه بلسم السماح من الله عز وجل؛ فإذا رضي الله عز وجل فما عليك ممن غضب وممن شرق أو غرب:

فليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

رغم أنوف الناس إن غضبوا إذا رضي الله عليك سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنت لا تطلب رضا الناس فإن عند ابن خزيمة وأصل الحديث عند أبي داود، يقول عليه الصلاة والسلام: {من أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أسخط الناس برضا الله، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>