للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الهداية قسمان]

والهداية نوعان:

هداية توفيق لا يملكها إلا الله، وهداية دلالة للرسول عليه الصلاة والسلام، ودليل الأول قوله سبحانه: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:١٣] لو شاء الله، لهدى المعمورة، ولو شاء الله لأدخل الناس الإسلام، ولو شاء الله ما بقي كافرٌ على وجه الأرض، ويقول سبحانه: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:٥٦].

حرص محمد عليه الصلاة والسلام على قرابته، وعلى أعمامه وعلى أبناء عمومته، زارهم في البيوت حاول بكى سالت الدموع على خده ليهتدوا حتى ينجوا من النار لكنهم رفضوا!!

بينما جاء سلمان من أرض فارس وبلال من الحبشة وصهيب من أرض الروم، أتوا كلهم يقولون: لبيك اللهم لبيك!! وأبو طالب عند الركن لا يهتدي وأبو جهل عند المسعى والحطيم وزمزم لا يعرف الله!!: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:٥٦] أنت لا تملك الهداية: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام:٥٩] عنده مفاتيح القلوب، وهو يفتح على من يشاء، متى شاء.

بعض الصالحين عنده ابن مثل الشيطان، وبعض الفجرة عنده ابن كأنه حمزة، أو سعد بن معاذ، أو طلحة، أو الزبير قال تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:٥٦].

هذه هداية التوفيق لا يملكها إلا الله، أما هداية الإرشاد، وهداية الدلالة، فهي للرسول عليه الصلاة والسلام:

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى بالمطايا طيب ذكراكَ حاديا

وإني لأستغشي وما بي غشوة لعل خيالاً منك يلقى خياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خاليا

أجتمع بالناس لكنني لا أجد لكلام الناس طعماً مثل طعم كلامك، عند البخاري ومسلم، وأجلس مع الزعماء، لكنني لا أجد زعيماً مثلك، وأسمع كلام العلماء، لكنني لا أسمع كلاماً ككلامك.

وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خاليا

يقول الله عن هدايته صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:٥٢] إنك لتهدي إلى صراط مستقيم ليس كمثله صراط!! لا صراط الشيوعية، ولا صراط العلمانية، ولا صراط اليهودية، ولا صراط النصرانية، ولا الماسونية وصراطه صلى الله عليه وسلم أشد ضياءً من الضحى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>