للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الهداية لصاحبها]

يظن العبد إذا اهتدى أنه زاد من الإحسان لله، وفي الحديث الصحيح عند مسلم: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد ما زاد ذلك في ملكي شيئاً} والله الذي لا إله إلا هو، لو كان سكان الأرض كلهم على إيمان أبي بكر ما زاد في ملك الله ذرة، وما نفع الله ذلك، والله الذي لا إله إلا هو لو كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص عند ذلك من ملك الله شيئاً، قال سبحانه: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} [الإسراء:١٥] أنت تنفع نفسك وتنقذها حين تؤدي ما افترض الله عليك، يقول ابن القيم: لله الفضل والمنة، يعطيك الإيمان، ويعطيك الحياة، ثم يتوب عليك، فتكون المنة لله ليست لك.

أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام أعراب من بني أسد، قالوا: يا محمد! اشكرنا، قال: على ماذا؟ قالوا: أسلم العرب كلهم بالسيف وأما نحن فأسلمنا بلا قتال، فسكت عليه الصلاة والسلام، وما أحب أن يجرح مشاعرهم، مع أنهم دخلوا واهتدوا على يده صلى الله عليه وسلم ثم يقول قائلهم: احمد الله احمد ربك أنني اهتديت على يديك!!، فهذا غير صحيح، ومثلهم كمثل إنسان تهديه تمراً أو رطباً، فيقول: احمد الله أني أخذت هديتك، احمد الله أني قبلت مالك.

فسكت عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:١٧].

المنة لله.

الفضل لله والعطاء لله أتمن على الله وهو قد هداك؟! قال تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [الإسراء:١٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>