للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الخوف من الجليل]

يقول: التقوى هي الخوف من الجليل، هل تعرفون "الجليل"؟!

هو الله الواحد الأحد، الجليل الذي يراك إذا تسترت بالجدران، الجليل هو الذي يراقب حركاتك إذا اختفيت في الحيطان.

كثير من الناس لا يعرف الجليل، يخاف من السلطة ومن القائد والقيادة أكثر من خوفه من الله الواحد الأحد، يخاف من مراقبة المسئول أكثر من مخافته للواحد الجليل تبارك وتعالى، لا يخطئ ويقف بسمت حسن أمام هذا البشر الذي يموت ويعدم ويفتقر ويمرض، ولكنه لا يخاف من الله كخوفه من هذا المسئول: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً} [مريم:٨١] {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل:٢٠] {وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} [الفرقان:٣].

الجليل هو الذي خلقك.

الجليل هو الذي صورك: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الإنفطار:٦ - ٨] {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:٦] {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:١ - ٢].

أتيت أقول لكم اليوم: إن الجليل هو الله الذي أنزل لا إله إلا الله لتعيشوا في مظلتها.

علي رضي الله عنه وأرضاه يقول: [[تقوى الله هي: الخوف من الجليل]]

الإمام أحمد بن حنبل؛ الإمام العالم الجليل الزاهد العابد الذي رفعه الله بالتقوى، لا بالمنصب، ولا بالشهرة، ولا بالمال.

إمام أهل السنة والجماعة يحمل الحطب على كتفيه، فيؤخذ الحطب منه ويقال له: "كيف تحمل وأنت الإمام أحمد؟

قال: نحن قوم مساكين لولا ستر الله افتضحنا".

الإمام أحمد يقول يوماً لأحد الشعراء: أتقول الشعر؟ قال: أروي الشعر.

قال: ماذا تروي؟

قال: قول الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب

فقام وأغلق عليه الباب وأخذ يبكي حتى سمع بكاؤه من خارج البيت وهو يردد:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

يقول علي: " التقوى هي الخوف من الجليل.

وإذا لم تخف من الجليل فاعرف أنك لست متقياً إلى الآن، يا سبحان الله! من يراقب مسئوله في الصلاة فيصلي من أجل مسئوله ألا يخاف الواحد الأحد؟! هذا إنسان سلخت العقيدة من قلبه ومن دمه ومن شرايينه.

من يراقب السوط والسجن ويخاف منها ولا يخاف من الواحد الأحد، لا إله إلا الله ما أبعده عن الله!

<<  <  ج:
ص:  >  >>