للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ثلاث وصايا للأخت المسلمة]

إني أوصي الأخت المسلمة بثلاث وصايا:

أولها: أن تكون مربية في البيت، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

تقدمت الخنساء النخعية في القادسية -كما قال بعض أهل التاريخ- بأربعة أبناء، فألبستهم الأكفان وطيبتهم، وقالت: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، لا تعودوا إلا قتلى ليشرفني الله بشهادتكم، فقتلوا في سبيل الله، فلما أخبرت تبسمت وقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيله.

أي امرأة هذه المرأة النبيلة، أي تربية هذه التربية الحرة.

دخل علي رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم ليخطب فاطمة -سيدة نساء العالمين، الطاهرة الصديقة، الوفية- قال: فاستحييت من الرسول صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: كأنك تريد فاطمة؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: عندك شيء من المال؟ قال: والله ما عندي شيء - علي بن أبي طالب لا يملك شيئاً، يملك إيماناً وتوحيداً، يملك لا إله إلا الله- قال: أين درعك الحطمية؟ قال: فأتيت بها مكسرة لا تساوي درهمين فزوجه عليه الصلاة والسلام}.

يقول محمد إقبال في فاطمة:

هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أم من؟ من ذا يساوي في الأنام علاها

أما أبوها فهو أشرف مرسلٍ جبريل بالتوحيد قد رباها

وعلي زوج لا تسل عنه سوى سيفٌ غدا بيمينه تياها

زار عليه الصلاة والسلام علي وفاطمة في الليل، فاستنارا بنوره في الظلام، وصل وهما نائمان قالت: {يا رسول الله! طحنت الرحى حتى كلَّت يدي، وكنست حتى تدنست ثيابي، فهل من خادم؟ -تريد خادمة- فانتظر عليه الصلاة والسلام ثم أتاها بعد ليالي، فقال: ألا أخبركما بما هو خير لكما من خادم؟ -بإمكانه أن يعطيها عليه الصلاة والسلام ذهباً وفضة وخادمة، لكنه يريد الجنة، تأتي يوم القيامة ناقة من نور خطامها نور، يشق له الناس الطريق وهي بنت محمد محجبة عليه الصلاة والسلام- قال: ألا أخبركما بما هو خير لكما من خادم؟ قالا: بلى يا رسول الله! قال: إذا أويتما إلى مضجعكما، فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، واحمدا الله ثلاثاً وثلاثين، وكبرا الله أربعاً وثلاثين فهما خيرٌ لكما من خادم}.

أتته صلى الله عليه وسلم سكرات الموت؛ فاقتربت منه فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، فأخذ يقول لها عليه الصلاة والسلام: {أنتِ أول الناس بي لحاقاً -وعلمت أنه سوف يموت في ذلك المرض- فأخذت تبكي، فقال: ادن يا بنية! فدنت رضي الله عنها وأرضاها منه صلى الله عليه وسلم، فلما دنت من المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين فتبسمت} إنما النموذج الخالد نساءه صلى الله عليه وسلم وبناته والمؤمنات الصادقات الصالحات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>