للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التكني لمن ليس له ولد]

السؤال

ما حكم الكنية بأسماء الصحابة مثل: أبي حمزة، وأبي عمر، وليس له ولد بهذا الاسم، إنما يتكنى بها المتكني تفاؤلاً؟

الجواب

الكنية بأسماء الصحابة من أشرف الكنى، والتكني وليس لك ولدٌ جائز في الشريعة الإسلامية، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {يا أبا عمير! ما فعل النغير} وأبو عمير أخو أنس طفل صغير كان يلعب بطير معه، فمات الطائر بعد فترة، فكانت مصيبة عند هذا الطفل الصغير؛ لأن الأحداث في أذهان الصغار أحداث عالمية، كأنها الحرب العالمية الثالثة، فأراد صلى الله عليه وسلم من باب الدعوة والدخول إلى قلوب الأطفال؛ لأنه يسبي القلوب ويشتريها.

محاسنه هيولي كل حسن ومغناطيس أفئدة القلوب

ولذلك يقول الله عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩] فأراد أن يقف نفس مشكلة الحزن التي يعيشها هذا الطفل الصغير، ليربيه على لا إله إلا الله، وليس المقصود الطائر، فبعد الطائر عشرة طيور، فدخل عليه الصلاة والسلام وقال: {يا أبا عمير، ما فعل النغير} وهو قد كناه وليس له ولد، فلك أن تتكنى.

وهنا فائدة: بعض الزنادقة -والعياذ بالله- يقولون: المحدثون فقط يروون أحاديث وليس لها معنى، ليس فيها فائدة، مثل: {أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها} {ويا أبا عمير، ما فعل النغير} فما هي الفائدة من هذا؟ قال ابن حجر ذكر عن الإمام ابن القاص أو غيره، أنه استخرج من هذا الحديث ستين فائدة، وذكر منها:

اللعب بالطائر، وتكنية من لا كنية له، وزيارة الأحباب والأقارب ولو كانوا أطفالاً، والمزاح معهم، والسجع بلا تكلف إلى غير تلك الفوائد.

فلك أن تتكنى، والعرب تستشرف الكنية، ولذلك يقول شاعرهم:

أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب

كذاك أدبت حتى صار من أدبي إني وجدت ملاك الشيمة الأدب

ومن أحسن ما يزرع لك الود في صدر أخيك أن تقول: يا أبا فلان! يا أبا طلحة! يا أبا حمزة! كما فعل صلى الله عليه وسلم صيف ربى الجيل المتجه إلى الله، ويقول: يا أبا بكر، يا أبا حفص، يا أبا الحسن، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>