للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هل كل مسلم نتولاه؟]

وهل كل مسلم نتولاه؟

نعم.

كل مسلم نتولاه بالجملة، هذا حكم، وهذه فتوى، يقول ابن تيمية في مسألة قتال أهل البغي في مجلد الجهاد يقول: "كل مسلم نتولاه بالجملة " وانظر إلى هذا الفهم الدقيق، وفهم ليس كهذا الفهم ليس بفهم، يقول: "لكن تتفاوت ولايتنا وحبنا للناس وبغضنا لهم بحسب قربهم من الله عز وجل وبعدهم عنه تبارك وتعالى"؛ فمن كان أكثر معصية كنا له أكثر غضباً وبعداً ومن كان أكثر طاعة كنا له أكثر محبة وقرباً.

ولذلك تجد بعض الناس إذا أتى أحد الناس صغيرة هجره هجراً ما بعده هجر، وسماه فاسقاً وألصق عليه التهم وسماه بكنيات وأسماء لا يعلمها إلا الله عز وجل، وهذا من قلة الفقه بالدين، ونحن أمرنا بالعدل وبالوسط قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:١٤٣] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} [البقرة:٢٦٩].

الحكمة أن تضع الأمور في مواضعها، فمن الحكمة أن تنزل الناس منازلهم، فبعض الناس يقترف سيئة صغيرة؛ فيهجر ويسب ويشتم ويغضب عليه أكثر ممن قتل نفساً معصومة، بل نحن ننزل أهل الكبائر منازلهم، أهل الصغائر منازلهم وأهل الإخلال بالمروءات منازلهم كما يفعل من فقه في دين الله عز وجل، وإنما أصيب الخوارج من هذا الجانب وتهالكوا في الغلو، والله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ على الخوارج قلة العبادة ولا قلة العمل الصالح ولا قلة الذكر؛ بل هم أكثر منا عملاً صالحاً وأكثر من كثير من السلف، يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وقراءتكم إلى قراءتهم، وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لو أدركتهم لقتلتهم قتل عاد} هؤلاء إنما وقعوا فيما وقعوا فيه في الغلو قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء:١٧١].

الغلو مجاوزة الحد في الأشياء، فإنما أوتوا من هذا الجانب حتى كفروا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كفروا علياً وكفروا معاوية، ومنهم من كفر عثمان رضي الله عنهم وأرضاهم، فهذا الجانب يلاحظ ويتدبر.

فالمقصود أن حب المرء المسلم يختلف باختلاف الأشخاص قلة وكثرة، وقوة وضعفاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>