للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صبره وشجاعته]

ش الفقر، والحروب والمصائب، ماتت بناته، وقُتل أصحابه، وشرد من وطنه، وبيعت أملاكه، ولطخت سمعته وأوذي؛ ومع ذلك كان صابراً صبراً يغلب الصبر.

صابر الصبر فاستجار به الصبر فقال الصبور للصبر صبرا

وذا يقوله بعض المفسرين لما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:٢٠٠].

يقولون لـ عنترة: بم غلبت العرب في المعارك؟ قال: بالصبر، فقال له أحد الشجعان: كيف تكون صابراً وأنا أصبر منك؟ قال: ناولني إصبعك، وخذ إصبعي فأدخل إصبعه في فمه وأخذ إصبع الرجل في فمه، ثم قال له: عض وأعض، فعض ذاك وعض هذا، فقال: ذاك أح فأخرج ذاك إصبعه، فقال عنترة:

بهمة تخرج ماء الصفا وعزمة ما شابها قول آح

أقسمت أن أوردها حرة وقاحة تحت غلامٍ وقاح

إما فتى نال المنى فاشتفى أو فارس زار الردى فاستراح

محمد عليه الصلاة والسلام الذي وصل بالصبر إلى حد ما استطاع أن يصابره الصبر، فكان سيد الصابرين صلى الله عليه وسلم.

الشجاعة: فعنده صلى الله عليه وسلم شجاعة الواثقين من المبادئ، ينام وحول البيت خمسون شاباً بسيوفهم، لا درع ولا سيف، ولا موكب ولا حرس!

عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم

عليه الصلاة والسلام.

الكرم: سألوه ثوبه فخلع ثوبه وأعطاه؛ فما كان يقول: لا.

وعند أحمد في المسند من حديث جابر {أن أعرابياً قال: يا رسول الله! أعطني مالاً قال: لا.

وأستغفر الله} معناه: ليس عندي مال، وأستغفر الله من كلمة "لا".

ما قال "لا" قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم

<<  <  ج:
ص:  >  >>