للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قضاء الحوائج والحرص على إنهاء متطلبات المؤمنين]

فإن صاحب الحاجة مجنون بها حتى تقضى، وهو مشغول بها ليل نهار، أما تدري أن صاحب الحاجة يظن أن الدنيا ومشكلة الشرق الأوسط في هذه الحاجة، ينام الليل وهي في ذهنه، ويقوم النهار وهي في ذهنه، فإذا قضيتها قضى الله لك حوائجك، ويسر لك أمورك، التسويف أو المماطلة للمسلمين -تعطيل المسلمين- ليس بوارد عند من يخاف الله ويريد الدار الآخرة، شيخ كبير عجوز هرم أو شاب عنده من الأمور ما يعطله فاقض حاجته وفرج كربته، وفي الحديث: {من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا؛ فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة} يوم الكربات، يوم الهموم والغموم، يوم الأحزان، فرج كربة عن صاحب حاجة، عن مراجع، عمن عنده مسألة، والله إن من المكسب لك أن تنهي له الحاجة.

وفد رجل على علي فطلب له حاجة، فقال: الحمد لله الذي جعلك صاحب الحاجة ولم يجعلني صاحب الحاجة، لأقضينها إن شاء الله.

قال الرجل:

كسوتني حلة تبلى محاسنها لأكسونك من حسن الثنا حللا

الثناء الجميل

ولم أرَ كالإحسان أما مذاقه فحلو وأما وجهه فجميل

كاد الجميل أن يكون رجلاً، ولو كان رجلاً لكان حسناً، وكاد أن يكون نبتاً، ولو كان نبتاً لكان ورداً.

قال أبو جعفر المنصور لجلاسه وسماره: ما أحسن بيت قالته العرب؟

قالوا: ما ندري.

قال: قول القائل:

الخير يبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد

وقال الحُطيئة:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس

جاء إعرابي إلى ابن عباس، وهو في الحرم ينثر على الناس العلم كالدرر وينثر والمال كما قال تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:٢١] قال الإعرابي: يا ابن عباس! قد أحسنت إليك إحساناً فكافئني، قال: ما فعلت يا أخا العرب، قال: رأيتك العام الأول تشرب من زمزم وأصابتك الشمس فظللتك عن الشمس، قال: يا غلام أعطه مائة دينار، واكسه حلة، وقد قصرنا لكن يكافئك الله على ما قدمت لنا.

فما أحسن الجميل! فقضاء الحوائج ولو بالميسور من اللفظ، والشفاعة إن استطعت أن تقوم بها فافعل، توسط واتصل واكتب، وسوف ترى ذلك في سجل الحسنات: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩].

<<  <  ج:
ص:  >  >>