للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أسرار الصلاة على الجنائز]

ومن الأسرار في صلاة الجنائز أمور:

السر الأول: أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يشفع هؤلاء المسلمين في هذا الميت، في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليه أربعون مسلماً لا يشركون بالله شيئاً شفعهم الله فيه}.

أي: قبل شفاعتهم ورحم هذا الميت.

السر الثاني: أننا نظهر التضامن حتى في الموت مع المسلم والإخاء بتلك الرابطة التي ربط بها محمد صلى الله عليه وسلم بيننا، فماذا كنا قبل الإسلام؟! وكيف كان تآخينا وتعاوننا قبل هذا الدين؟! قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٣].

السر الثالث: المسامحة والمعافاة، فأنت إذا وقفت على قبر المسلم أو على جنازته تصلي عليه وبينك وبينه حزازات، أو حقد، غفرت له وعفوت عنه وسامحته، وهذا بعد أن ترى مشهده وتراه معروضاً أمامك، ولذلك ذكر أهل السير أن علياً رضي الله عنه لما جرى بينه وبين الصحابة ما يجري بين البشر في معركة الجمل، وقتل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وهما من العشرة المبشرين بالجنة، فقال علي: [[بشر قاتل الزبير بالنار، وبشر قاتل طلحة بالنار]] ثم نزل علي إلى طلحة فمسح التراب عن وجهه، وقال: يعز علي يا أبا محمد! أن أراك مجندلاً على التراب، ولكن أسأل الله أن يجعلني وإياك ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:٤٧].

السر الرابع في الصلاة على الجنائز: إظهار شعائر الإسلام ضد أعداء الإسلام من الصهيونية، التي هي نبتة اليهودية والنصرانية والشيوعية وكل مغرض لهذا الدين، فنظهر أننا متآخون في الحياة وفي الموت، ونظهر أننا لا نسلم أخانا ولا نتركه؛ بل ندعو له حتى يلقى الله.

السر الخامس: أن نتذكر بالصلاة عليه قدومنا عليه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ورجوعنا إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب

نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وعلَّ الردى مما نرجيه أقرب

نشاهد ذا عين اليقين حقيقة عليه مضى طفل وكهل وأشيب

فهذا من أعظم الواعظ، ولذلك في سيرة عثمان رضي الله عنه أنه كان إذا رأى القبر بكى حتى يغشى عليه ويرش بالماء، فيقال له: مالك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار؛ فإذا أفلح العبد في القبر فقد أفلح}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>