للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسباب عدم التأثر بسماع القرآن]

السؤال

السلف كانوا يبكون بكاءً شديداً من سماع القرآن، ولكنا نسمع الآيات ولا نبكي ولا نتأثر كما تأثر السلف فما هو العلاج؟

الجواب

أقول كلنا ذاك الرجل، ونسأل الله عز وجل أن يتوب علينا وعليكم، وأن يلين قلوبنا لذكره، ولا نيئس من روح الله، فإن نفحات الله تمر بالعبد، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، وقسوة القلب تأتي من أمور:

منها: مرض الشبهات: فإنه فتاك، وهو السم الزعاف، وهو يقتل القلب قتلاً.

ومنها: الشهوات: فإنها مرض خطير وعضال، وهي حب المعاصي والفاحشة والعياذ بالله.

ومنها: المباحات: وكثرتها وكثرة الكلام بغير ذكر الله، وكثرة الخلطة خاصة خلطة من لا يقربك من الله، وكثرة النوم، وكثرة الأكل كلها من المباحات التي إذا كثرت قسا القلب، وقد بينها ابن القيم.

ولكني أوصيك ونفسي بكثرة الذكر، وبتدبر القرآن، وبصيام بعض الأيام على السنة، وبمجالسة الصالحين، وبحضور حلق العلم والمحاضرات والدروس، ولا تقل إنك عالم أو إن المحاضر لا يأتي بجديد، الجديد رحمة الله التي تظلك وأنت في المجلس، الجديد تنزل الملائكة عليك، الجديد غشيان السكينة، الجديد حفوف الرحمة، الجديد أن يقول الله في آخر المحاضرة: {انصرفوا مغفوراً لكم فقد رضيت عنكم وأرضيتموني، فتقول الملائكة: يا رب معهم فلان ليس منهم -أي: مر في الطريق هو يريد طريقاً آخر لكن رأى المحاضرة فدخل- قال: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم} رحيم:

فلما جلسنا مجلساً طله الندى جميلاً وبستاناً من الروض غانيا

أثار لنا طيب المكان وحسنه منى فتمنينا فكنت الأمانيا

أمنيتنا نرفعها هذه الليلة إلى الحي القيوم أن يجمعنا بكم في دار الكرامة، اللهم لا تخيب ظننا فيك، اللهم إننا ظننا بك الظن الجميل والحسن، ظننا أن تغفر لنا، وأن تتوب علينا، وأن تقول لنا في آخر هذه المحاضرة انصرفوا مغفوراً لكم، نتحرى هذه الكلمة فيا سميع ويا عليم ويا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم! أسألك أن تقولها لنا هذه الليلة، وأن تجمعنا بـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة مع الأنبياء والمرسلين: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:٥٥] يا رب العالمين.

أيها السائل سؤالك ينبئ عن خير، وحضورك معنا شهادة لك أنك من أهل الخير، غيرك في البارات وفي الخمارات، غيرك مع الكمنجة والعود والموسيقى، غيرك مع البلوت والباصرة، غيرك يطارد الدجاج والحمام، وأنت جلست مع قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، أنت من الصالحين، زادك الله توفيقاً وبصيرة وإيانا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>