للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الركوع]

قبل هذا اعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرفع يديه في أربعة مواطن في الصلاة:

الأول: عند تكبيرة الإحرام.

الثاني: عند الركوع.

الثالث: عند الرفع من الركوع.

لحديث ابن عمر في الصحيحين {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه} هذه ثلاثة مواطن.

الموطن الرابع جاء عند أبي داود، وهو عند القيام من التشهد الأول للركعة الثالثة، فهي أربعة مواطن.

والأحناف قالوا برفعٍ واحد وهو عند تكبيرة الإحرام، ولذلك صلى أبو حنيفة إماماً بـ ابن المبارك المحدث، فكبر أبو حنيفة فكبر ابن المبارك ورفع يديه، فكبر ليركع فرفع ابن المبارك يديه، ولم يرفع أبو حنيفة، فلما سلم قال أبو حنيفة لـ ابن المبارك: خفتُ أن تطير بجانبي من كثرة ما رفعت يدك.

فقال ابن المبارك: لو أردت أن أطير لطرتُ في الأولى.

قال علي بن المديني: شيخ البخاري المحدث الكبير: من لم يرفع يديه عند الركوع والرفع منه، فقد أزرى بالصحابة.

وقال المروزي: رفع اليدين ثابتٌ عن الأئمة مجمعٌ عليه.

وكأن المروزي ما التفت إلى خلاف أبي حنيفة، والأمر ليس مجمعاً عليه؛ لأن أبا حنيفة يقول: الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط.

فكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد الركوع قال: الله أكبر ثم ركع، فهصر ظهره، كما جاء في حديث أبي حميد في الصحيحين، برأسه عليه الصلاة والسلام، حتى لو وضع إناءٌ من ماء ما سقط منه شيء.

وكان يجعل يديه كالقابض على ركبتيه، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، وورد عند أحمد -وقد ضعفها أحمد - زيادة (وبحمده) والصحيح أنها زيادة صحيحة، فقد صححها بعض المتأخرين.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: {سبوحٌ قدوس، رب الملائكة والروح} في الركوع والسجود، وكان يقول في الركوع والسجود كما في الحديث الصحيح عن عائشة: {سبحانك اللهم وبحمدك، رب اغفرلي} يتأول القرآن، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إني نهيت أن أقرأ القرآن وأنا راكع، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمنٌ أن يستجاب لكم} وهذا أمر معلوم، لكن لابد أن يتدارس وأن يتفقه فيه، ولعل الله أن ينفع من سمعه، لأن في بعض البيوت من لا يحسن الصلاة، وبعض العجائز تصلي جالسة، وبعض الناس لا يعرف الصلاة إلا تقليداً، من فاتته الصلاة فقد فاته الإسلام.

وهل يقول: سبحان ربي العظيم مرة واحدة؟

قال بعض الفقهاء: يجزئ مرة واحدة، وقال بعضهم: لا يجزئ إلا ثلاثاً.

والصحيح أنه يقولها المصلي ما استطاع، أو ما يقارب العشر مرات لحديث حذيفة: {كان يقولها صلى الله عليه وسلم عشر مرات} وصلى أنس وراء عمر بن عبد العزيز، فكان يقول (سبحان ربي العظيم) عشراً، فقال أنس: [[ما صليت وراء أحدٍ أشبه صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا]] يعني عمر بن عبد العزيز.

<<  <  ج:
ص:  >  >>