للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الرد على القدرية والجبرية]

المسألة السادسة في الحديث: كيفية نرد على القدرية بهذا الحديث؟

نقول: آدم عليه السلام يقول: كتب الله عليّ هذا قبل أن يخلقني بأربعين عاماً فهو أمر مقدر، إذاً فنقول للقدرية الذين نفوا القدر: إن الله كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض، فكل شيء عنده بقدر قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٤٩ - ٥٠] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:٢٢ - ٢٣] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:١١] يعني من يؤمن بالقضاء والقدر يهد قلبه {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:١١] {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٥٤] فالخلق: هو خلق الله في هذا الكون، والأمر: التدبير والتصريف.

إذاً: فنرد على القدرية بأن تقول: إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلقنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وليس فيه دليل للجبرية الذين يقولون: إن الله عز وجل يجبر العبد على المعاصي، فقالوا: أجبر الله آدم أن يأكل من الشجرة، وأجبره على أن يعصيه ويخرج من الجنة، فنقول: كذبتم وضللتم وخالفتم الصواب، بل آدم عليه السلام ما أجبره الله أن يأكل من الشجرة، فقد علم الله في علم الغيب أنه يأكل من الشجرة، لكنه لم يخبره، ولا ألزمه، لكنه ألزم نفسه، وهذا هو الكسب من العبد لذلك هنا أمران: فإنه قضاء وكسب، فمثلاً: من ترك الصلاة، ففي علم الله أنه يترك الصلاة، ولكن هو الذي كسب ترك الصلاة قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف:٥].

فلا يستدل أحد بالقضاء والقدر على المعصية، فمن استدل على المعصية بالقضاء والقدر فهو جبري مخالف مبتدع ضال اتبع هواه، وهو خاسر فاجر، نعوذ بالله من ذلك، وسوف يأتي عذر آدم عليه السلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>