للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أبو بكر والشعر]

أما قول عائشة: (ما قال شعراً قط) فلعلها ما بلغها أن أبا بكر، قد قال بعض الأشعار، وسوف تمر بنا بعض الأبيات لـ أبي بكر وإلا فقد كان أفصح الناس، وكان يتكلم بالخطبة ارتجالاً فيصدع الجلوس والسامعين، وكان نساباً؛ يعرف أنساب العرب، وأسرار العرب، وبيوت العرب.

وأما شرب الخمر فأعاذه الله منها حتى في الجاهلية، وكان يسمى العتيق، كان يعتق الرقاب، وهو الذي أعتق بلال بن رباح، فقال عمر: [[أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا]] أي: بلالاً.

ثم قال ابن عساكر: وعن أبي العالية الرياحي: {قيل لـ أبي بكر في مجمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل شربت الخمر في الجاهلية؟

فقال: أعوذ بالله.

فقيل: ولم؟

قال: كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان مضيعاً في عرضه، ومروءته، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق أبو بكر، صدق أبو بكر مرتين} وهذا مرسل غريب سنداً ومتناً.

أيها الإخوة: كان شرب الخمر في الجاهلية منقصة، إنما يشربها المتهورون، وأما في الإسلام فانتهى الأمر، فأصبح فيها حد.

وفي محاضرة الفاروق في القرن الخامس عشر، ورد أن عمر أرسل أميراً إلى العراق، هذا الأمير من قريش، فأتى في ليلة من الليالي كان ينشد مع بناته في البيت، وقال لهم:

اسقني شربةً ألذ عليها واسق بالله مثلها ابن هشام

يقول: أيها الساقي، يا ساقي الخمر، اسقني شربة ألذ عليها، واسق مثلها ابن هشام زميله في العمل، وكان أميراً لـ عمر، طار هذا البيت بواسطة المراسلات حتى وصل إلى عمر، فاستدعاه عمر، قال: تعال، ما معنى هذا البيت؟

قال: ما هو يا أمير المؤمنين؟

قال:

اسقني شربةً ألذ عليها واسق بالله مثلها ابن هشام

معناه: اسقني خمراً! قال: يا أمير المؤمنين! أنا قلت بيتين لا بيتاً واحداً -كان ذكياً- قال: والبيت الثاني ما هو؟

قال:

عسلاً بارداً بماء سحابٍ إنني لا أحب شرب المدامِ

قال عمر: أما أنت فقد أنقذت نفسك من حد الثمانين، لكن والله لا تلي لي ولاية بعدها، وعزله بمرسوم.

باللعب والانحراف تضيع الأمة، فهو لا يجوز وهو حرام، فعزله وأتى برجلٍ آخر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>