للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معرفة أن النصر بيد الله وبتأييده]

الثمرة الرابعة عشر: عرفنا أن العدة والعدد وحدها لا تكفي:

إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

وإلا فالمشركون كانوا في بدر ثلاثة أضعاف المسلمين فهزمهم الله، وقال الله لأوليائه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:١٢٣] ولما أعجب الصحابة بعددهم في حنين أخبرهم الله أن العدد لا يكفي فانهزموا في أول المعركة، قال سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥] لأن العدد وحده لا يكفي، يقول أحد المسلمين في حنين: " لا نغلب اليوم من قلة ", لكن غلبوا من غير القلة، من العجب، وعادوا وانتصروا في آخر المطاف لما تلقنوا درساً.

الجيوش العالمية التي يهول بها ليست شيئاً أمام الحق، والحق متى يستعد أصحابه بما استطاعوا من قوة نصرهم الله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:٦٠] في قدرتكم واستطاعتكم ليس إلا ثم ينصر الله يفتح ويثبت ويؤيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧].

إذاً: التهويل لجيوش الباطل ليس له أساس عند المسلم، خالد بن الوليد التقى في اليرموك وكان جيشه ثلاثين ألفاً وجيش الروم مائتين وثمانين ألفاً، فمائتان وثمانون ألفاً, يقابلها ثلاثون ألفاً وانتصر عليهم خالد يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، يقول سبحانه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:١٧٤ - ١٧٥] فهذا فضل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى وحده.

<<  <  ج:
ص:  >  >>