للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عدم الابتلاء لا يدل على ضعف الإخلاص]

السؤال

هل يلزم أن يكون الداعية السائر على طريق الحق والجهاد في الدعوة في الابتلاء الشديد وإلا كان ذلك نقصاً في إخلاصه ودعوته؟

الجواب

أولاً: علينا ألا نتعجل البلاء، وألا ندعو الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بالبلاء، ولكن نسأله العافية سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا ابتلينا فعلينا أن نصبر، ومن أحسن الأدعية:

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والله أعلم بعباده، وعند الطبراني حديث: {إن الله تعالى يقول: إن من عبادي من لو أصححت جسمه لأفسدته، ومنهم من لو أسقمته لأفسدته، ومنهم من لو أغنيته لأفسدته، ومنهم من لو أفقرته لأفسدته، فأنا أعلم بعبادي، أصرفهم كيفما أشاء} أو كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

فالمقصود أن بعض الناس لا يعيش على الابتلاء ولا يستطيع أن يصبر له، فنسأل الله لنا ولكم العافية.

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله بالعفو والعافية، وقد علمه العباس بن عبد المطلب: {سل الله العفو والعافية} ولا يلزم أن يبتلى الداعية، بل قد يعافى في دينه، وجسمه، وعرضه، ويستمر، ولذلك ترى في سير كثير من الأئمة أنهم ما وجدوا صعوبات، لكن ربما ابتلوا في أمور الله أعلم بها، والله أعلم بعباده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

لكن الغالب العام من الأئمة والعلماء والدعاة أنهم يبتلون، قال الشافعي لـ مالك: "أيهما أفضل يبتلى العبد أو يمكن؟ قال: لا يمكن حتى يبتلى": {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٢ - ٣] قال المتنبي:

تريدين وجدان المعالي رخيصةً ولا بد قبل الشهدِ من إبر النحل

<<  <  ج:
ص:  >  >>