للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حتمية البعث والنشور]

الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد:

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:٧٧ - ٨٣].

{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ}

يا أيها الإنسان: يا من حمل همومه وغمومه!

يا أيها الإنسان: يا من تعدى حدود الله وانتهك حرماته, وأكل نعمه, واستظل بسمائه, ووطئ أرضه!

يا أيها الإنسان: إنك سوف تُعرض على الله, ويل لك أيها الإنسان، أما فكرت بالقدوم على الله؟!

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شي

يا أيها الإنسان! {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار:٦] ما الذي خدعك حتى عصيت الله؟

ما الذي غرك حتى تجاوزت حدود الله؟

ما الذي أذهلك حتى انتهكت حرمات الله؟

يا أيها الإنسان! ألم تكن نطفة؟! ألم تكن ماء؟! ألم تكن في عالم العدم؟!

قال سبحانه: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان:١ - ٢] مسكين هذا الإنسان! حقير هذا الإنسان! صغير هذا الإنسان! أتى من ماء, من عالم العدم, أتى من نطفة, فلما مشى على الأرض تكبر وتجبر, ونسي الله الواحد الأحد!!

في المسند للإمام أحمد بسند جيد عن عبد الله بن جحش قال: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بصاقاً من فمه ثم وضعه في راحته, ثم أخذ يديره بأصبعه ويقول: يقول الله تبارك وتعالى: يابن آدم! خلقتك من مثل هذا ثم ربيتك، فلما تربيت جمعت ومنعت ومشيت على الأرض, وللأرض منك وئيد, ثم قلت: لن يعيدني كما أنشأني أول مرة ثم قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:٧٨]} من هذا المجرم الذي اعترض على قدرة الله؟ من هذا العاصي الذي أنكر البعث والقدوم على الله؟

صاح هذي قبورنا تملأ الرحب فأين القبور من عهد عاد

خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد

ساعة الموت أيها العبد أضعاف سرور في ساعة الميلاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>