للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المحافظة على الصلاة]

سمى الله أداء الصلاة وحفظها حفظاً، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج:٣٤] فمن حفظ الصلاة في أوقاتها وخشوعها وخضوعها وجماعتها حفظه الله يوم يضيع الناس: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:٤٥].

كان عمر وهو مطعون في سكرات الموت يقول وعيناه تهراق بالدموع: [[الله الله في الصلاة، لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من حفظ الصلاة حفظه الله، ومن ضيع الصلاة ضيعه الله]] فمن حفظ الصلاة حفظه الواحد الأحد.

وكان رضي الله عنه يكتب لرؤساء الأقاليم والأمراء: عليكم بالصلاة؛ فإنها أول الإسلام وآخر ما تفقدون من دينكم.

والله يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨].

واعلم أنك لا تحافظ على الصلاة إلا بثلاثة أسباب:

الأول: أن تؤديها في وقتها، فلو أخرتها إلى أن يخرج الوقت ما قبلها الله إلا بعذر، ويرمى بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني.

وأول ما يحاسب عليه العبد في القبر الصلاة، فمن حفظها حفظه الله يوم تضيع الأفهام وتضل العقول، وتندهش الأفكار.

الثاني: أن تكون في جماعة، فلا صلاة إلا في جماعة إلا من عذر، يوم ينادى بها في المساجد، يوم يقول لك المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح؛ فتقوم من فراشك، وتزحف إلى المسجد ليحفظك علام الغيوب.

ويقول عليه الصلاة والسلام في الفقرة الأولى في الوقت، لما قال له ابن مسعود: ما أفضل العمل؟

قال: {الصلاة في وقتها} وعند الترمذي والحاكم {الصلاة في أول وقتها} وهذا هو الحفظ.

الثالث: أن تؤديها بخشوع وخضوع، وأن تعيش مع الإمام وهو يقرأ عليك، وتستمع هذا القرآن العجيب والنبأ العظيم الذي طرق الدنيا، واعلم -كما قال ابن القيم - أن مواقف الناس في الآخرة وفي العرصات كمواقفهم في الصلاة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>