للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الافتخار بالأنساب]

قيل لـ سلمان من أبوك؟ قال:

أبي الإسلام لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

ما لي أب إلا هذا الدين، أنا متعلق بهذا الدين، ولا أعرف إلا هذا الدين، أما أهل التراب فيقولون: أبي كان يذبح الأعداء، ويسرق، ويأكل الربا ويستمع الغناء ومات.

أو أبوه كان ما كان لكن هو ليس بشيء.

إذا فخرت بأقوام لهم شرف قلنا صدقت ولكن بئسما ولدوا

وعند البخاري في الأدب المفرد: {من افتخر بتسعة آباء من الكفار فهو عاشرهم في النار} من افتخر بآبائه الجاهليين حشر معهم، لا تفتخر بإنسان ذهب قال تعال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:١٣٤].

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [البقرة:٤٩] ما معنى هذه العبارة؟ أي: تلقون منهم شدة ومشقة وكلفة، ونقف قبل هذا عند آل فرعون: آل فرعون هم من تبع فرعون على ملته، وهم يعرضون على النار غدواً وعشياً حتى هذه الساعة، استدل أهل السنة والجماعة على عذاب القبر بهذه الآية: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦] نسأل الله العافية.

هذا يسميه بعض العلماء: فطور وأما الغداء ففي جهنم، لكن هذه مشهيات ومرطبات! {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦] فدخلوا معه.

قال: {يَسُومُونَكُمْ} [البقرة:٤٩] السوم: هو أشد العذاب، والسوم من الخسف، والمشقة، وشدة الكلفة على من لك سلطة عليه أو قدرة.

يقول عمرو بن كلثوم في ملعقته الشهيرة:

إذا ما الملك سام الناس خسفاً أبينا أن نقر الذل فينا

يمدح قبيلته، وهذه من أفخر القصائد، هو جاهلي لم يدرك الإسلام، لكن ذهب إلى عمرو بن هند أحد الملوك، فذهب بأمه يتحاكم هو وقبيلة ثانية فقال لأمه: ادخلي عند امرأة الملك حتى أشكو عليه أن القبيلة الفلانية تقاتلنا، فأمه امرأة من أسرة قوية، والملك يظن أن من كان من غيره فهم خدم، فأتت المرأة أم الشاعر ودخلت عند زوجة السلطان.

فقالت زوجة الملك: ناوليني هذا الإناء، تريد أن تستخدمها في البيت.

فحلفت ألا تناولها؛ فضربتها كفاً على وجهها، فصاحت أمه وهو داخل خيمة الملك، فعلم أنها أهينت.

فقام عمرو بن كلثوم فقتل الملك، ثم فر إلى قبيلته ونظم قصيدته يقول في أولها -وهي من المعلقات-:

ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا

إلى أن يقول:

بأي مشيئة عمرو بن هند تطيع بنا الوشاة وتزدرينا

إلى أن يقول:

متى كنا لأمك مقتوينا

أي متى كنا لك عبيداً ولأمك؟!

إلى أن يقول: ألا تعرفنا؟!

بأنا نورد الرايات بيضاً ونصدرهن حمراً قد روينا

إلى أن يقول:

إذا ما الملك سام الناس خسفاً أبينا أن نقر الذل فينا

وهكذا قتله وضحى به، فلذلك يقول: الخسف لا نقره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>