للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى كلمة مسيح ومسيخ]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد:

السَّلامُ عَلَيَّكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

هذه المحاضرة السابعة بعد الثلاثمائة وعنوانها: "فتنة المسيح الدجال" أعاذنا الله وإياكم من فتنته، وسلمنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

والفتن ذكرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كتابه، وهي بقضائه وقدره تبارك وتعالى، يقول سبحانه: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان:٢٠] وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً) [المائدة:٤١] ويقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ:٣٧] وذكر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن من الأولاد والأموال فتنة، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٢ - ٣].

المسيح الدجال في البحث عنه قضايا منها: أصله، من أي بلد هو؟

ومن أي قوم؟

ومنها: متى يخرج؟

ومنها: وصفه.

وما هي البلاد التي لا يدخلها؟

وما هو جيشه؟

وما هو زيه؟

ومن يقتله؟

وهل ذكره الله عَزَّ وَجَلَ في كتابه؟

ولماذا يخرج؟

ومن الذي ينخدع به؟

وما هي الآيات التي يخرج بها؟

كل هذه وغيرها من القضايا أتكلم عنها بإذن الله والله الموفق.

المسيح ينطق: المسيح والمسيخ: بالخاء المعجمة وبالحاء المهملة.

فالمسيح معناه: الممسوح العين.

والمسيخ: الذي مسخه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو مسخ عينه، وقيل: المسيح هو الذي يمسح الأرض، وسمي المسيح عيسى بن مريم مسيحاً؛ لأنه سوف يمسح الأرض يوم القيامة، وهو الذي يقتل المسيح الدجال.

فالمسيح عيسى بن مريم رسول من الله عَزَّ وَجَلَ حبيبنا ومن أنبياء الله عَزَّ وَجَلَ، والمسيح الدجال عدونا وبغيضنا كفانا الله فتنته، والدجال هو: الكذاب الكبير، ولا يطلق الدجال إلا على من كثر كذبه واشتهر، وجمعه: دجاجلة.

يقول أحد العلماء: ما كنت أعرف أن دجالاً يجمع على (دجاجلة) حتى جلست عند الإمام مالك، فسألته عن راوٍ في الحرة من رواة الحديث، قلت: يا إمام! كيف هو في الرواية؟ قال: دجال من الدجاجلة، أي: كان الرجل من قبل لا يعرف جمع كلمة (دجال) حتى جمعها الإمام مالك، قال: دجال من الدجاجلة، وتصغيره: دجيجيل، ولذلك يقول الذهبي راداً على أبي العلاء المعري -نسأل الله أن يكفينا فتنته- يقول أبو العلاء المعري:

في كل جيل أباطيل يدان بها فهل تفرد يوماً بالهدى جيل

فهو ينكر الرسالات، ويقول: في كل جيل، حتى أمة محمد عليه الصلاة والسلام ترى أنها مهتدية، لكن ليس هناك جيل مهتدٍ، هذا زعمه الباطل المنحرف.

وقال الذهبي راداً عليه:

نعم أبو القاسم الهادي وشيعته فزادك الله ذلاًَ يا دجيجيل

وهو تصغير دجال.

المسيح الدجال هذا أولاً: أخبر به عليه الصلاة والسلام وأنذر، وقال: {ما من نبي إلا قد أنذر قومه الدجال وإن أخوف ما أخاف عليكم فتنة المسيح الدجال} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وفي الصحيحين: {أنه كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من أربع: من فتنة النار، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال} وهي: خمس عند بعض أهل العلم.

ومن أعظم الفتن: فتنة المسيح الدجال؛ حتى أن نوحاً عليه السلام أنذر قومه المسيح الدجال.

السؤال

كيف ينذر نوح عليه السلام من المسيح الدجال قومه مع العلم أنه لا يخرج إلا آخر الزمان؟

الجواب

قيل أن نوحاً عليه السلام لم يعلم بذلك، وقيل: إن الله عَزَّ وَجَلَ افترض على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن ينذروا قومهم فتنة المسيح الدجال، فأنذرنا عليه الصلاة والسلام فتنته، وأخبرنا أن فتن غيره تسهل وتقل، وأنا سوف أُعرض عن هذه القضايا.

وسوف أعرض عليكم حديثاً رواه مسلم والإمام أحمد وغيرهم من الأئمة، وهذه رواية أحمد: {خرج صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القيلولة - القيلولة: بعد صلاة الظهر- فجمع الناس، قال: الصلاة جامعة، أتى ينام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما أتاه النوم فرحاً، فقال: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة -فاجتمع الناس- قال: من منكم لقي تميماً الداري، قال بعضهم: لقيناه، قال: حدثكم بحديث الدجال، قالوا: نعم، فأخذ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدث البقية الباقية}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>