للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأكلة التي يفتن بها المسيح الدجال الناس]

جلس عليه الصلاة والسلام بين الصحابة فذكر لهم فتنة المسيح الدجال، وأخبرهم أن معه ثريد يفتن به الناس، ثريد أي: لحم ومرق وخبز، وهذه أكلة شهية عند العرب، أحسن ما ينغمس العرب في هذه الأكلة، ويقولون: الطوائف من الناس لهم أكلات، وهذه بين الشعوب معروفة مثل: أهل إفريقيا مغرمون بالبطاطس، ومثل: أناس يغرمون بالفول، وقريش مغرمة بالسخينة، حتى يقول كعب بن مالك:

زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغلب الغلاب

يقول كعب: سخينة هؤلاء أهل الحساء -دقيق وسمن- وأهل الشربة يزعمون أنهم سوف يغلبون الله، لأنهم حاربوا الله في بدر، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: {كيف قلت يا كعب؟} يقول أعد علي البيت، كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب الشعر الحسن، ويحب الدعابة، والفكاهة ويدخل إلى النفوس، قال: {كيف قلت يا كعب؟} قال: قلت يا رسول:

زعمت سخينة أن ستغلب ربها فليغلبن مغلب الغلاب

قال: {إن الله شكر لك بيتك يا كعب!} سبحان الله! {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:١٠] وبعض الأبيات يشكرها الله وهي من أحسن ما يكون، وبعض الأبيات يدخل الله أصحابها النار، فمما يُشكر قول حسان وهي أشرف بيت قالته العرب:

وبيوم بدرٍ إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد

هل هناك أشرف من هذا البيت؟

يقول: قيادتنا العسكرية يوم بدر جبريل ومحمد، وعند أهل السنة: أن القائد الأعلى رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، وأن جبريل كان في قيادته، لأنه نزل جبريل بألف من الملائكة على الأقل، ثم شارك في المعركة، وهذا يسميه بعض العصريين (الكمندوز) ونحن نتحرز من هذا الإطلاق ونتوقر أمام هذا، لأن الألفاظ الشرعية نلقيها كما كانت، أنا سمعت خطيباً في شريط يقول: واتصل عليه الصلاة والسلام اتصالاً فورياً بالملأ الأعلى، ويطلب منه أنه -عاوز ألف جندي- قال: فأرسل الله له على الفور جبريل وهو قائد فرقة (ثمانية وثلاثين) المتخصصة في النسف والإبادة والتدمير، مقصوده: أن جبريل عليه السلام دائماً يدمر القرى، قال: فنزل واشترك معه في المعركة.

فلا بأس أن نستخدم أسلوباً عصرياً جذاباً، مثلما فعل صاحب كتاب الرحيق المختوم الذي نال الجائزة العالمية في كتابته عن سيرة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل قوله: أبو بكر يعلن سياسة حكومته الجديدة بعد توليه الحكم بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجتمع بكبار مستشاريه قبل معركة بدر، الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلن الحرب على المنبر على أبي سفيان، الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقطع خط القافلة ويضرب حصاراً اقتصادياً على مكة.

هذا أسلوب عصري جميل، أما بعض البياض إذا زاد أصبح برصاً ولا يقبل، فالألفاظ الشرعية نحفظها مكانها.

الشاهد: أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مع المسيح الدجال ثريد يفتن به الناس، فمن أكل من ثريده فتنه، قال الأعرابي: {يا رسول الله كيف يفتنه؟ قال: يؤكله من ثريده، ويقول: أنا ربك، قال بدوي أعرابي: والله يا رسول الله لآكلن من ثريده حتى أشبع، ثم أقول: آمنت بالله وكفرت بك، فتبسم عليه الصلاة والسلام} أي: من يملك عقله في ذاك الوقت، ويظن ذلك الرجل أنه على الظاهر، كذلك يأكل ثم يحلف بالله أنه لا يؤمن به، وهم أهل دواهي، ولذلك كان يتحمل لهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جفاهم.

ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث يحسنه بعض الناس: {من بدا جفا، ومن تتبع الصيد غفل، ومن دخل على السلطان افتتن} وهذا ليس من حديثنا في شيء، ولكن عرجنا عليه تعريجاً.

نشير إلى التنوفة وهي قفر ومن بالسفح يعرف من عنينا

<<  <  ج:
ص:  >  >>