للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم قراءة المأموم للفاتحة]

لكن القضية الكبرى التي يُنتبه لها هل يقرأها المأموم والإمام أم يقرأها الإمام فقط أم يقرأها المأموم في السرية دون الجهرية أم ماذا؟

الأقوال في هذه المسألة ثلاثة أقوال وسوف أرجح الراجح بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:

القول الأول: يقرأها الإمام والمأموم في السرية والجهرية لعموم الأحاديث السابقة.

القول الثاني: لا تجب على المأموم قراءة الفاتحة بالكلية لا في السرية ولا في الجهرية.

قلنا: وما دليلكم؟

قالوا: ما رواه أحمد والدارقطني عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له} وهذا القول الثاني للأحناف.

قالوا: إذا قرأ الإمام فلا تقرأ أنت لا في السرية ولا في الجهرية، أي: تقف في الظهر نصف ساعة في الركعة الأولى وأنت صامت، أي: تعدد البطن، ويكفيك ألاَّ تتلفت بشيء، لا تستغفر ولا تسبح ولا تقرأ شيئاً من القرآن، لكن لا يجوز لك أن تقرأ قصيدة عصماء.

قلنا: وما الدليل؟ قالوا: {من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له}.

قلنا: الحديث ضعيف والحمد لله رب العالمين، وهذا الحديث من جميع طرقه لا يصح أبداً، وهو ضعيف لا ينجبر.

القول الثالث: تجب على المأموم في السرية ولا تجب في الجهرية لما روى مسلم عن أبي موسى الأشعري: {إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا}.

يقولون: القول الثالث: يقرأها الإمام في السرية ولا يقرأها في الجهرية.

التحقيق والترجيح: القول الراجح أن على المأموم أن يقرأها في السرية والجهرية وراء الإمام، ولا يزيد على الفاتحة في الجهرية، وأما في السرية فليزد ما تيسر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} {وصلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج خداج خداج} وقوله: {لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن} فعلى المأموم أن يقرأها في السرية والجهرية ولا يزد في الجهرية على الفاتحة، وهذا رأي الجمهور.

وابن تيمية يرى خلاف ذلك فيقول: لا تقرأ في الجهرية ويستدل على ذلك من قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:٢٠٤] وهذا فيه دليل عموم، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور؛ فلابد لك من قراءتها في الصلاة السرية والجهرية وراء الإمام ووحدك؛ لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة القرآن.

فهذا ملخص في قضايا ولا نستطرد لأنها قضايا فقهية.

ولكننا ندخل إن شاء الله إلى الاستعاذة؛ لأننا قد نقف على الاستعاذة في هذه الليلة ثم نبدأ فنأخذ الفاتحة في درس آخر إن شاء الله ونبدأ بالقرآن بما تيسر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>