للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[آلله خير أم ما يشركون]

الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شكوراً, وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً عنوان هذه الخطبة: " أجب على هذه الأسئلة".

من هو السائل؟! ومن هو المسئول؟! وما هي الأسئلة؟!

السائل الله تعالى الله في علاه، السائل الرحمن الذي على العرش استوى.

المسئول أنت، يا من جعل الله له عينين، ولساناً وشفتين، يا من خلقه فسواه فعدله، يا من في أي صورة ما شاء الله ركبه! يا من، كان في عالم العدم! يا من خلق في كبد! يا من وقع على الأرض يبكي! يا أيها الفقير أنت أمام حشد من الأسئلة، يوجهها الله إليك، وأنت تجيب, {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الاسراء:١٤] ولا يجيب غيرك.

الخلق يشهد للجليل مع البرية والفلك

والليل يكتم سره يا ليل جئتك أسألك

والماء تمتم ناطقاً يا ماءُ سرٌ لي ولك

والطير يشهد صادحاً أن لا إله سوى الملك

سبحان من برأ الورى كتب الهلاك وما هلك

سبحان من بعث الضياء مع الشعاع المشترك

سبحان من رفع السما منسوجةً مثل الحبك

إن تحمي عيني أن تراك جعلت قلبي منزلك

هذه الأسئلة يسألها الله، ويوقف الإنسان أمامها، ضعيفاً ذليلاً فقيراً حقيراً.

يقول سبحانه في محكم كتابه بعد أن ذكر مصرع الشرك أمام التوحيد، وبعد أن ذكر معركة لا إله إلا الله مع لا إله والحياة مادة، يقول سبحانه: {آللَّهُ خَيْرٌ أَم ما يُشْرِكُونَ} [النمل:٥٩].

آلله خير أم هذه الآلهة الحقيرة؟

آلله خير أم الطواغيت التي تعلق بها البشر وأحبوها؟ وخاف منها البشر، ورهبوا منها؟

آلله خير أم هذه الأنظمة والكيانات والواجهات السحيقة في الفناء، البعيدة في الخزي، الماثلة في الدمار؟ ثم ترك الإجابة للعقول وحدها لتجيب، ولا يجيب غيرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>