للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاستخلاف في الأرض]

{وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل:٦٢] الأسئلة كثر, تزدحم كالليل أمام الإنسان، فيجيء قرن بعد قرن، قال تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} [إبراهيم:٤٥] ملوك بعد ملوك، تجار بعد تجار، وصنف بعد صنف، وقوى بعد قوى، وشعوب بعد شعوب، تهلك وتبيد، ويبقى الواحد الأحد, قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:٨٨] يقول ابن بطوطة: زرت تربة في خراسان، فأخبرت أنه دفن فيها ألف ملك من ملوك الأرض في تلك الناحية, فقال الناظم:

وسلاطينهم سل الطين عنهم والرءوس العظام صارت عظاما

وسلاطينهم - جمع سلطان-

وبقي الواحد العظيم، ثم قال سبحانه: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل:٦٠] ثم ترك الجواب، وقال: {قَلِيلاً مَا َتَذَكَّرُونَ} [النمل:٦٢] والإنسان بإمكانه أن يعمى إذا أراد أن يعمى، وأن يكابر ربه، وأن ينسى مبدأه، وأن يخون ميثاقه، وأن يتلاعب بأصالته يوم يريد أن يكفر، فينحط إلى درجة الحيوان.

هذه الأسئلة، ولك أنت أن تتأملها في الكون، وفي نفسك، ولك أن تجيب عنها إجابة، أما إجابة اللسان فكل يقول: الله لكن أعمالنا وعقائدنا وأفكارنا ومبادؤنا، لا بد أن نركبها على هذه العقيدة، فلا نخاف إلا الله، ولا نرجو إلا الله، ولا نحب إلا إياه، ولا نعتصم إلا به، ولا نتوكل إلا عليه، ولا نلتجئ إلا إليه، ذلكم الله ربي وربكم فاعبدوه.

هل من خالق غير الله؟ تعالى الله عما يشركون.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>