للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ)

{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة:٣٦].

خسارة للشيطان ونعوذ بالله من الشيطان، والحروز من الشيطان كثيرة:

أولها: أن تكون دائماً على طهارة، فالوضوء حصن حصين.

ثانيها: الأذكار، وخاصة آية الكرسي فهي تحرق الشياطين.

ثالثها: المعوذتان, وقل هو الله أحد.

رابعها: تهليل مائة تهليلة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وفي صحيح البخاري قال: {من قالها في يوم مائة مرة كتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له عدل عشر رقاب، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل بعمله أو زاد عليه}.

خامسها: ومن الحروز من الشيطان: أن تتبع أمر الرحمن: غض البصر حفظ الأذن حفظ اليد والفرج، فهذه من الحروز.

سادسها: بعض الآيات في القرآن وهي كثيرة أوردها أهل العلم، لكن من اهتدى هداه الله وسدده.

سابعها: ومن الحروز أنك إذا غضبت ألا تتكلم؛ ليزيل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى عنك وسوسة الشيطان.

والشيطان من الجن، وبعضهم يقول: من الملائكة, لكن قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:٥٠] هذا الشيطان.

{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة:٣٦] والشياطين على أحجام صغير وكبير, وعلى مستويات, فإذا كان الإنسان أخبلاً فيُرسل له شيطان من الدرجة الثالثة، وإذا كان الإنسان من أقوى الناس في دينه يرسل له شيطان أقوى، والمؤمن شيطانه ضعيف جداً، يقول: أنهكه وأضناه كالجمل الطريح -الضعيف- لأنه كلما حاول الشيطان أن يبني من ذنوب هذا العبد، قال: أستغفر الله, وتاب إلى الله, وعاد إليه وهدم المبنى، يجره معه فإذا أراد أن يدخله بيته قطع الحبال وفر، فهو دائماً معه في صراع، ومن المؤمنين من لا يستطيع لهم إبليس أبداً، حاول وحاول فترك.

أما بعض الناس فيأخذهم يميناً وشمالاً.

ورسولنا عليه الصلاة والسلام يقول: {لكل منكم قرين وكل به -يعني من الشياطين- قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا لكن الله قد أعانني عليه فأسلم}.

فأعانه الله على شيطانه فأعلن الإسلام فلا يأمره إلا بخير.

أما نحن فالقرين معنا دائماً لكن نتحفظ منه بالآيات والأحاديث.

يقول ابن عباس: [[الشيطان جاثم على قلب ابن آدم يأتي كالحية فإذا سكت وغفل الإنسان وسوس، وإذا ذكر الله خنس وسكت، وهو يجري من الإنسان مجرى الدم]].

فأخرجهما من النعيم المقيم وقرة العين إلى الدنيا.

{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة:٣٦] والعداوة بين الناس قضاء كوني قدري من الواحد الأحد، ولكن تزول العداوة بالإيمان، والله عز وجل يقول: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود:١١٨].

ولكل شيء آفة من ضده حتى الحديد سطا عليه المبرد

فالحديد هو الحديد لكن سلط الله عليه المبرد، فكل شيء له عدو, فتجد الشاة تسرح لا تخاف من الحمار أو الجمل، لكن لو رأت الذئب انتهت وترست مكانها، ولا تخطو خطوة لأنه عدوها.

والحمار له عدو وهو الضبع، والثعبان للإنسان، وهذه المواشي للأسود ولغيرها وهي فصائل، يقول أهل العلم: من العداء الذي جعله الله في الأرض: العداء الذي جعله بين الأجناس، ولذلك تجد بعض الحيوانات تتوافق وبعضها تتعادى: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ} [الأعراف:٢٤].

فالله جعل هذين العدوين لهذا الأمر، والناس كذلك بينهم عداء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>