للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بلال سفير الحبشة للإسلام]

بلال بن رباح داعي الأرض الذي تلقى نور السماء وأذن في الخالدين، وكان حقاً على قلب كل مؤمن أن يقول:

وقل لـ بلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا

توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترق أبواب الجنان الثمانيا

بلال رضي الله عنه وأرضاه يعرفه الجميع، أهل الملايو ومسلمو اليابان والصين والسودان والعراق والجزائر، كل مسلم على وجه الأرض يعرف بلالاً رضي الله عنه وأرضاه، هو سفير الحبشة إلى الإسلام، وسفير الإسلام إلى أهل الحبشة، فإن لكل قوم سفيراً وسفير الحبشة إلى الإسلام بلال رضي الله عنه وأرضاه، كما أن سفير الروم صهيب وسفير أهل فارس سلمان.

دخل بلال مكة فما كان له قيمة عند المكيين ولا عند القرشيين، كانت وثنية تمعر في رءوسهم، لا يقيمون لهؤلاء الموالي قيمة أبداً ولا وزناً، وإنما ينزلون هؤلاء الموالي منزلة الحيوان، فأرخصوا ثمنه وهو غال عند الله، وعطلوا قيمته وهي ثمينة جد ثمينة، فلما أتى الإسلام كان بلال رضي الله عنه ممن شرح الله صدره للإسلام، أسلم مبكراً، ووضع يده في يد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فأخرجه من الجاهلية إلى الإسلام، ومن الظلمات إلى النور، وهداه ورقاه فأصبح غالياً من أغلى الناس.

كان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول: [[أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا]].

إن السيادة في الإسلام تكون بالتقوى وبالعمل الصالح وبالقرب من الله عز وجل، وأما الجاهليون فما استمعوا لهذا، لما علموا أنه قال: لا إله إلا الله، ودخل في هذا الدين؛ لأن هذا الدين مجرد عن الطلاء، من يرغب في الاستقامة يأت، لا لمنصب ولا لولد ولا لمال ولا لأسرة ولكن لوجه الله تبارك وتعالى، فلما أتى بلال رفعه الإسلام وجعله الرسول صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأبى أمية بن خلف وعذبه بأنواع العذاب، سحبه على وجهه على الرمضاء، طرح الصخور على صدره وما يزداد إلا إيماناً وتسليماً، كان كلما عذبه، قال: أحد أحد، أحد أحد هتف بها لكل معطل، يفني بها كل شرذمة باطلة خاسرة خائبة عند الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>